responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 67
الخمس، والخمس مردود فيكم [1]. فأتق الله يا معاوية! واقسم الغنائم على وجهها، ولا تعطي منها أحداً أكثر من حقه! فقال له معاوية: قد وليتك قسمة الغنائم، ليس أحد بالشّام أفضل منك، ولا أعلم، فاقسمها بين أهلها، واتق الله فيها، فقسمها عبادة بين أهلها، وأعانه أبو الدرداء، وأبو أمامة [2].
وعبادة بن الصامت رضي الله عنه من مؤسسي المدرسة الشامية فقد وجهه عمر إلى الشام قاضياً ومعلماً، فأقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين فولي قضاءها، واستقر به المقام فيها، فكان أول من تولى قضاء فلسطين، وكان أيضا يعلم أهلها القرآن وظل على هذا النحو إلى أن مات بها [3]، وقد أسهم عبادة رضي الله بنصيب كبير في تنفيذ سياسة الخلافة الراشدة العلمية والتربوية والجهادية، وكان رضي الله عنه من أهل الزهد والخشونة، فعندما وصل إلى حمص قال لأهلها: ألا أن الدنيا عرض حاضر، وإن الآخرة وعد صادق، ألا أن للدنيا بنين وإن للآخرة بنين، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل أم يتبعها بنوها [4].

10 ـ حقيقة الخلاف بين أبي ذر ومعاوية وموقف عثمان رضي الله عنهم منه:
إن مبغضي عثمان بن عفان رضي الله عنه كانوا يشنّعون عليه أنه نفى أبا ذر رضي الله عنه إلى الربذة وزعم بعض المؤرخين: أن ابن السوداء عبد الله بن سبأ لقي أبا ذر في الشام، وأوحى إليه بمذهب القناعة، والزهد، ومواساة الفقراء، ووجوب أنفاق المال الزائد عن الحاجة، وجعله يعيب معاوية، فأخذه عبادة بن الصامت إلى معاوية، وقال له: هذا والله الذي بعث أليك أبا ذر. فأخرج معاوية أبا ذر من الشام [5]، وقد حاول أحمد أمين أن يوجد شبهاً بين رأي أبي ذر، ورأي مزدك الفارسي، وقال بأن وجه الشبه جاء من أن ابن سبأ كان في اليمن وطوّف في العراق، وكان الفرس في اليمن، والعراق قبل الإسلام، فمن المحتمل القريب أن يكون قد تلقَّى هذه الفكرة من مزدكية العراق، واعتنقها أبو ذرّ على حسن النية في اعتقادها [6]. وكلَّ ما قيل في قصَّة أبي ذرّ، ممّا يُشَّنع به على عثمان باطل لا يُبنى على رواية صحيحة، وكلُّ ما قيل حول اتصال أبي ذر رضي الله عنه بإبن السَّوداء باطل لا محالة [7]. والصحيح: أن أبي ذرّ رضي الله عنه نزل في الربذة باختياره، وأنَّ ذلك كان بسبب اجتهاد أبي ذرّ في فهم آية خالف فيه الصَّحابة، وأصرَّ على رأيه، فلم يوافقه أحد عليه، فطلب أن ينزل بالربذة [8]، التي كان يغدو إليها زمن

[1] البداية والنهاية (4/ 353).
[2] الرياض النضرة ص 561.
[3] عبادة بن الصامت، صحابي كبير وفاتح مجاهد ص 84.
[4] الاكتفاء الكلاعي (3/ 310).
[5] المدينة المنوّرة فجر الإسلام (2/ 216، 217).
[6] فجر الإسلام صـ 110.
[7] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 217).
[8] كانت منزلاً في الطريق بين العراق ومكة.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست