responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 653
وذلك حينما عرض عبد الملك على الثائرين عزل الحجّاج، ولكن الزهو والعجب بما تحقق من انتصارات أدى إلى رفض ذلك العرض من الخليفة ولم يتمكن العلماء من إقناع الثائرين بقبوله، وبهذا الرفض.
ب ـ تحكم أصحاب الدوافع الإقليمية والمذهبية في مسارها:
استطاع أصحاب الدوافع الإقليمية والميول المذهبية أن يسيروا بالحركة نحو التخلص من بني أمية.
ج ـ عدم امتلاك الثورة لرؤية كاملة: فقد أصبح العلماء يسيرون في طريق غير واضح المعالم، سوى تحقيق الانتصار على جيوش الأمويين، ولكن ماذا بعد؟ هل بالإمكان تغيير الخليفة بالانتصار على جيوش الأمويين في العراق، وهل يستستسلم الشام بهذه السهولة، أو تقر الأقطار الإسلامية ذلك؟ وهل يكون ابن الأشعث هو الخليفة للمسلمين في حالة القضاء على عبد الملك، لقد دخلت الثورة في طريق شائك معقد بمجرد رفضها عرض الخليفة بعزل الحجّاج واضطربت أهدافها مما أدى إلى وأدها وفشلها وانتصار جيوش الخليفة عليها [1].
س ـ ذكاء الخليفة عبد الملك ودعمه المستمر بالجيوش للحجّاج، فقد مال للصفح والمسالمة والمسامحة ولبى طلب أهل العراق في عزل الحجّاج من أجل حقن الدماء وتوفير الجهود والحفاظ على الجبهة الداخلية الواحدة المتراصة، وكان عرضه على ابن الأشعث في عزل الحجّاج كسب سياسي له حيث تبلبل صف ثورة ابن الأشعث واختلفت الآراء، وكان عبد الملك في نفس الوقت قد أعد جيشين من أهل الشام، وسلم القيادة لأقرب الناس إليه إلى أخيه وولده وأمرهما بالتقيد بأوامر والي العراق [2]، إن عدد العساكر المقاتلة والقادة وتزويدهم بكل ما يحتاجون ثم تكليفهم بالمفاوضة مع ابن الأشعث، منحت الثقة لابنه وأخيه، وهزت قرارة نفوس العراقيين وهذا من رباطة جأش الخليفة، فكأنما قد قدّم جرعة كبيرة من الحرب النفسية، الأمر الذي أدخل الرهبة في نفس المفاوض الأول حتى مالت نفس ابن الأشعث للرضوخ لولا أصحابه، كما أكسبت الثقة للجنود الشاميين فكانوا يقاتلون ببسالة، ومن هنا يظهر دور الخليفة في كبح الحجّاج حيناً، وفي إعداد الجيش حيناً آخر، فلولاه لما كان بالإمكان القضاء على هذه الانتفاضة وبهذا القدر من الجهد، ويعود ذلك إلى السياسة المتجددة، القائمة على أصول من الفهم الكامل لخطط الخليفة البعيدة المدى، فقد كان رجل دولة من الطراز الأول يملك خطة مستقبلية لدولة قادرة على وضع أهدافها التكتيكية والاستراتيجية من أجل بناء دولة القوة والمنعة [3] على أسس راسخة من الملك العضوض،

[1] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ587.
[2] تجديد الدولة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك صـ132.
[3] تجديد الدولة الأموية صـ133.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 653
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست