responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 642
قبولها، لكنهم لم يوافقوه، بل جددوا خلع عبد الملك، وظنوا الفرصة قد واتتهم للتخلص من الحكم الأموي [1]، وكان الأولى بابن الأشعث أن لا ينساق لما تطلبه الجماهير، فقد ضاعت فرصة كبيرة في التخلص من الحجّاج وكان يمكنهم رفع سقف المطالب والضغط على عبد الملك حتى يستجيب لرفع المظالم، وإقامة العدل، والتقيد بالكتاب والسنة وإن انحرف عن شروطهم أمكنهم بعد ذلك عزله ولكن يبدو أن الحس السياسي لدى زعماء ثورة ابن الأشعث كان غائباً، كما أن مبايعة أهل العراق لابن الأشعث جاءت في لحظات عاطفية ثورية ولم تكن نتيجة لمعرفة تامة به، وهل يستحق عن جدارة أن يكون أميرهم [2]؟. رفض ابن الأشعث تنازل عبد الملك في خلع الحجّاج وغيرها فعندها سلم محمد بن مروان وعبد الله بن عبد الملك قيادة الجيوش الأموية للحجّاج وقالا: شأنك بعسكرك وجندك فاعمل برأيك فأنا قد أمرنا أن نسمع ونطيع لك [3].
وبدأ الفريقان يستعدان للقتال، فاشتبكا في أشهر وقائعهم ـ التي زادت عن ثمانين موقعة ـ في دير الجماجم [4] والتي استمرت مائة يوم حتى حلت الهزيمة بابن الأشعث في الرابع من جماد الآخرة سنة 83هـ [5]، ثم دارت معركة أخرى بعدها في مسكن في شعبان من نفس السنة، فهزم ابن الأشعث أيضاً، ثم ولى هارباً إلى سجستان [6]، حيث كان تصالح مع رتبيل على أن يسقط عنه الخراج إن ظفر، وإن هزم يأوي إليه ويحميه [7]، ولكن الحجّاج هدد رتبيل إن لم يسلم إليه ابن الأشعث ليغزون بلاده بألف ألف مقاتل [8]، فرضخ للتهديد وعزم على تسليمه إليه، فلما أحسَ ابن الأشعث بغدر رتبيل ألقى بنفسه من فوق القصر الذي كان فيه، فمات فأخذ رأسه وأرسلها إلى الحجّاج وكان ذلك سنة 85هـ [9]، وهكذا انتهت حياة ابن الأشعث الذي قاد أخطر ثورة ضد عبد الملك بن مروان، أريقت فيها دماء عشرات الألوف من المسلمين وهي ثورة دفعت إليها الأحقاد الشخصية المتأصلة في نفس ابن الأشعث والحجّاج كل منهما للآخر من ناحية، وبغض أهل العراق للحكم الأموي من ناحية ثانية [10]، ومظالم الحجّاج العظيمة التي دفعت بجمهور كبير من العلماء للانضمام للثورة والتخلص من الطاغية الحجّاج.

[1] تاريخ الطبري (7/ 246)
[2] حركة النفس الزكية صـ38.
[3] تاريخ الطبري (7/ 246).
[4] تقع دير الجماجم على سبعة فراسخ من الكوفة من طريق البصرة.
[5] تاريخ الطبري (7/ 254).
[6] المصدر نفسه (7/ 287).
[7] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ551، سير أعلام النبلاء (4/ 184).
[8] تاريخ الطبري (7/ 287).
[9] المصدر نفسه (7/ 289).
[10] العالم الإسلامي في العصر الأموي صـ516.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 642
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست