responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 621
وعاق تقدمه إلى العراق, ولما طال عليه الأمد ولم يقدم له ابن الزبير أي عون اضطر في النهاية إلى التسليم لعبد الملك بن مروان بعد أن أقنعه ابنه الهذيل بن زفر بأن عبد الملك بن مروان خير له من ابن الزبير [1].
وأما عن سياسية ابن الزبير الاقتصادية فبالإضافة إلى قلة موارده الاقتصادية, يلاحظ أنه كان متأثرًا في نظرته لما بين يديه من المال بأسلافه من الخلفاء الراشدين خاصة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - , وأراد أن يسلك مسلكهم في طريقة الإنفاق, فأصبح ينظر إلى هذا المال على أنه مال الله, وهو حق المسلمين, ولا يجوز أن يصرف إلا في أوجهه الشرعية, وتشدد في ذلك, وهذه السياسة لم ترق للكثيرين في ذلك العصر, لأن الناس-كما يقول د. العش- لم يكونوا قادرين على فهم هذه السياسة وقبولها [2] , فلم يسخر ابن الزبير هذا المال في توطيد حكمه, وتقوية صفه, وكسب الأنصار من الأعيان والمؤيدين واستمالتهم لمشروعه الشوري, وبطبيعة الحال لقد خسر ابن الزبير الكثير من المناصرين, خصوصًا إذا عرفنا أن الأمويين كانوا يغدقون الأموال على الشعراء والأعيان والزعماء لكسبهم.

3 - عدم استيعابه لزعماء العراق:
كثير من زعماء القبائل يمكن للحكام أن يستوعبوهم بالأموال والعطايا, فسلاح المال خطير يجذب القلوب ويؤثر في النفوس, فقد روى أن أخاه مصعبًا
ذهب إليه -بعد مقتل المختار- بزعماء أهل العراق وقال له: يا أمير المؤمنين, قد جئتك بزعماء أهل العراق وأشرافهم, كل مطاع في قومه, وهم الذين سارعوا إلى بيعتك, وقاموا بإحياء دعوتك, ونابذوا أهل معصيتك, وسعوا في قطع عدوك, فأعطهم من هذا المال. فقال له: .... جئتني بعبيد أهل العراق وتأمرني أن أعطيهم مال الله, لا أفعل, وايم الله لوددت أن أصرفهم كما تصرف الدنانير بالدراهم, عشرة من هؤلاء برجل من أهل الشام [3] , وجاء في رواية: فقال له أبو حاضر الأسيدي -وكان قاضي الجماعة بالبصرة-: إن لنا ولكم مثلاً مضى يا أمير المؤمنين وهو ما قال الأعشى:
عُلِّقناك عرضًا وعُلِّقَت رجلاً ... غيري وعُلِّق أخرى غيرها الرجل
عُلِّقناك يا أمير المؤمنين وعُلِّقت أهل الشام, وعُلِّق أهل الشام إلى مروان, فما عسانا أن نصنع؟ قال الشعبي: فما سمعت جوابًا أحسن منه [4] , ثم بعد ذلك خلعوا ابن الزبير وكتبوا إلى عبد الملك بن مروان أن أقبل إلينا [5].

[1] أنساب الأشراف (5/ 305).
[2] الدولة الأموية ص207.
[3] العالم الإسلامي في العصر الأموي ص506.
[4] البداية والنهاية (11/ 147،146).
[5] العالم الإسلامي في العصر الأموي ص506.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 621
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست