responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 600
أن عقد الصلح معهم أرسل أحد قادته الثقات -سحيم بن المهاجر- إلى القائد البيزنطي الذي كان على رأس الجراجمة, ونجح في كسب ثقته, ثم كاده بقوات دبرها لهذا الشأن, فقتل القائد البيزنطي وهرب أصحابه وأمن الباقين, فرجع العبيد إلى أسيادهم, والأنباط إلى قراهم [1] , كما أن الاتفاقية مع الدولة البيزنطية لم تدم طويلاً, لأن الروم نقضوا العهد, كما أن عبد الملك استطاع القضاء على ابن الزبير وتوحيد الدولة تحت زعامته؛ مما جعله يفكر بالرد على تحديات البيزنطيين المتكررة, فعين أخاه محمد بن مروان سنة 73هـ [2] , فشرع في غزوهم سنة 74 هـ [3].

ثامنًا: زفر بن الحارث الكلابي:
ظل القيسيون الموتورون في مرج راهط على ولائهم لابن الزبير, وكان أحد كبار زعمائهم -زفر بن الحارث الكلابي- قد فر إلى قرقيسيا, وتحصن بها, وثابت إليه قيس, وأصبح تجمعه هناك مركزًا لشن الغارات على كلب في المناطق المجاورة له, مما كان يسبب إحراجًا بالغًا لعبد الملك الذي كان يطمح إلى استعادة بقية بلدان العالم الإسلامي تحت سيادته وسلطانه, وكان في هذه الفترة يوجه كل جهوده لاستعادة العراق من سيطرة مصعب بن الزبير, وكان لابد لعبد الملك إذا أراد أن يضم إليه العراق, وينهي سيطرة الزبيريين عليه, من أن ينهي اعتصام زفر
ابن الحارث في قرقيسيا, فسار إليه في جيشه الذي كان قد جهزه لحرب مصعب ابن الزبير, وبدأ بزفر أولاً فحاصره, ولكن رجال زفر أبدوا بطولة عجيبة, وانتزعوا إعجاب عبد الملك الذي قال: لا يبعد الله رجال مضر, والله إن قتلهم لذل, وإن تركهم لحسرة [4].
ولجأ عبد الملك إلى المسالمة, وكتب إلى زفر يدعوه إلى طاعته ويرغبه فيها, ويهدده إن لم يقبل ذلك, وبعد جهود ومفاوضة أرسل إليه زفر يجيبه إلى طلبه, ويشترط عليه أن يبقى له الخيار في أن يظل مخلصًا لابن الزبير أو ينضم إلى عبد الملك, ورغم ذلك فقد وافق على شرطه, وأعطاه الأمان هو وابنه وقائده الهذيل بن زفر, وجميع أتباعهما, ولم يأخذ بمال أو دم أهدره, بل أعطى عبد الملك الزعيم القيسي مبلغًا من المال يوزعه بين أتباعه, ثم اختتم ذلك العمل بأن زوج ابنه مسلمة بن عبد الملك بالرباب بنت زفر بن الحارث, كما أمر زفر ابنه الهذيل أن ينضم إلى جيش عبد الملك المتجه إلى حرب مصعب ابن الزبير, إذ لم يكن على ولده ما عليه هو من بيعة ابن الزبير [5] , وحرص عبد الملك على تحقيق التوازن بين القبائل اليمانية والقيسية, وجعل في أصحابه زفر بن الحارث الكلابي وابنيه الهذيل وكوثرًا وعبد الله بن مسعدة الفزاري وغيرهم من زعماء قيس, كما كان في أصحابه حسان بن مالك الكلبي, وروح بن زنباع الجذامي, ورجاء

[1] أنساب الأشراف (5/ 301).
[2] الكامل لابن الأثير, نقلاً عن الدور السياسي ص92.
[3] الكامل في التاريخ (3/ 84)
[4] الكامل في التاريخ (3/ 61).
[5] المصدر نفسه (3/ 62).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 600
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست