اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 60
ففتحها إمّا صلحاً. أو عنوة [1]، وقد كان حبيب بن سلمة الفهري من أبرز القادة الذين حاربوا في أرمينية البيزنطية، فقد أباد جيوشاً بأكملها للعدوِّ، وفتح حصوناً، ومدناً كثيرة [2]، كما غزا ما يلي ثغور الجزيرة العراقية من أرض الروم فافتتح عدة حصون هناك، مثل شمشاط، وملطية، وغيرها [3].
2 ـ غزوات معاوية في عهد عثمان في البر:
أدرك معاوية رضي الله عنه بأن إزالة خطر الروم وتهديدهم للمسلمين لا يتم إلا بمواصلة غزو الروم وتنشيط حركة الجهاد بشكل مستمر في الثغور الشامية والجزرية [4] وشحنهما بالمرابطين وتعهدها على الدوام، وقد أخذ منه ذلك وقتاً طويلاً وبذل فيه جهداً كبير خلال ولايته تلك في عهد عثمان، ففي سنة خمس وعشرين للهجرة قام معاوية بجولة عسكرية على الثغور الشامية، فوجد الحصون فيما بين أنطاكية وطرسوس خالية فوقف عندها جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنسرين حتى انصرف من غزاته، ثم أغزى بعد ذلك بسنة أو سنتين يزيد بن الحر العبسي الصائفة وأمره ففعل مثل ذلك. وكانت الولاة تفعله [5]، وفي سنة إحدى وثلاثين غزا من ناحية المصيصة فبلغ درولية [6]، فلما خرج جعل لا يمر بحصن فيما بينه وبين النطاكيه إلا هدمه [7]، وكذلك الشأن في الثغور الجذرية فقد أولاها عنايته فقد وجه في الأيام الأولى لولايته تلك، كلا من حبيب بن مسلمة الفهري وصفوان بن المعطل السلمي إلى شمشاط ففتحها.
كما وجه حبيب بن مسلمة إلى إعادة فتح ملطية بعد أن انتقضت، ففتحها عنوة، ورتب فيها رابطة من المسلمين مع عاملها، كما قام معاوية بنفسه بعد ذلك بحملة أخرى يريد التوغل في أرض الروم فقد مرَّ على ملطية فشحنها بجماعة من أهل الشام والجزيرة وغيرهما وذلك لكي تكون طريقاً [1] الدولة الإسلامية في عصر الخلفاء الراشدين، لحمدي شاهين صـ 252. [2] حروب الإسلام في الشّام في عهود الخلفاء الراشدين صـ 577. [3] عثمان بن عفان للصَّلابّي صـ 205. [4] الثغور الشامية والجزرية هي شريط طويل من القلاع والحصون يمتد على الحدود الشمالية للدولة الإسلامية مع الدولة البيزنطية، ويبدأ هذا الشريط من ملطية إلى الفرات الأعلى إلى طرسوس بالقرب من ساحل البحر المتوسط. وينقسم خط هذه القلاع إلى مجموعتين: إحداهما تسمى بـ (الثغور الجزرية) وهي تمثل الجزء الشمالي الشرعي من هذا الخط ومن أهم ثغور هذا القسم: ملطية، وزبطرة، وحصن منصور، والحدث ومرعش وشمشاط والمجموعة الثانية تسمى بالثغور الشامية وهي تمثل الجزء الجنوبي الغربي من ذلك الخط وأهم ثغور ذلك القسم: عين زربة، وأذنة، وطرطوس، وهرقلة ويفصل بين المجموعتين فاصل طبيعي وهو جبل اللكام انظر: أثر العلماء في الحياة السياسية في الدولة الأموية صـ67. [5] فتوح البلدان صـ 69. [6] المصيصة ودرولية من الثغور الشامية. [7] فتوح البلدان ص169
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 60