اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 593
كانت مضطهدة ومسحوقة؛ وهي شريحة الموالي التي وجدت في حركته المتنفس لتحقيق أهدافها في المساواة وتحسين أوضاعها الاجتماعية [1].
هـ- سوء اختيار ابن الزبير لعماله في الكوفة, ويبدو أنهم لم يكونوا على قدر المرحلة, ولذلك انفلتت الأمور من أيديهم في الكوفة [2].
2 - نهاية المختار على يد مصعب بن الزبير:
كان من المتوقع أن تكون نهاية المختار على يد عبد الملك الذي وتره بقتل ابن زياد أبرز أعوانه, ولكن عبد الملك كان من الدهاء بحيث أدرك أن ابن الزبير, وإن كان قد أسعده ظهور المختار في البداية وقهره لجيش عبد الملك [3] , إلا أنه لن يسمح لنفوذه أن يتسع ويهدد دولته, وأنه لابد أن يتحرك للقضاء عليه, فآثر الانتظار وترك ابن الزبير يواجه المختار, لأن نتيجة المواجهة ستكون في صالحه, فسوف يقضي أحدهما على صاحبه, ومن يبقى, تكون قوته قد ضعفت فيسهل له القضاء عليه, وقد حدث ما توقعه عبد الملك, فإن المختار لم يكتف بانتصاره على جيش عبد الملك وبسط نفوذه على شمال العراق والجزيرة, بل أخذ يعد نفسه للسير إلى البصرة لانتزاعها من مصعب بن الزبير الذي أصبح واليًا عليها من قبل أخيه عبد الله بعد أن بايعه أهلها, وهنا أصبح الصدام محتومًا بين المختار وآل الزبير [4] , فسار مصعب بن الزبير بنفسه إلى قتال المختار في جيش هائل, فحاصره بالكوفة وضيق عليه وما زال حتى أمكن الله منه, فقتله واحتزَّ رأسه, وأمر بصلب كفِّه على باب المسجد, وبعث مصعب برأس المختار مع رجل من الشُّرط على البريد إلى أخيه عبد الله بن الزبير, فوصل مكة بعد العشاء, فوجد عبد الله يتنفَّل, فما زال يصلي حتى أسحر ولم يلتفت إلى البريد الذي جاء بالرأس, فقال: ألقه على باب المسجد, فألقاه ثم جاء فقال: جائزتي يا أمير المؤمنين. فقال: جائزتك الرأس الذي جئت به تأخذه معك إلى العراق.
ثم زالت دولة المختار كأن لم تكن, وكذلك سائر الدول, وفرح المسلمون بزوالها؛ وذلك لأن الرجل لم يكن في نفسه صادقًا, بل كان كاذبًا, وكاهنًا, وكان يزعم أن الوحي ينزل عليه على يد جبريل يأتي إليه [5] , وعن رفاعة بن شداد قال: كنت أقوم على رأس المختار, فلما عرفت كذبه هممت أن أسُلَّ سيفي فأضرب عنقه, فذكرت حديثًا حدثناه عمرو بن الحمق قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أمَّن رجلاً على نفسه فقتله, أعطي لواء غدر يوم القيامة» [6] , وقد قيل لابن عمر: إن المختار يزعم أن الوحي يأتيه. فقال: صدق, قال الله تعالى: "وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ" [الأنعام:120]. وعن [1] نفس المصدر السابق. [2] عبد الله بن الزبير, للناطور ص185. [3] العالم الإسلامي في العصر الأموي ص 484. [4] العالم الإسلامي في العصر الأموي ص485, البداية والنهاية (11/ 67). [5] البداية والنهاية (11/ 68). [6] سنن ابن ماجة رقم 2688, حديث صحيح.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 593