responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 57
ولا يُنال منه إلا على الرِّضا، ومن لا يأخذ من فوق رأسه إلا من تحت قدميه [1]، ومهما يكن في هذه الرواية وغيرها من مبالغة، فإن ثقة عمر في معاوية تظل فوق مستوى الشبهة والشك [2]، فقد برهن معاوية لعمر عمق فهمه لضرورات السياسة وتغير البيئة والمجتمع، وأثر ذلك كله على التطوير السياسي لأدوات الحكم، ومهما يكن من أمر فقد عظمت مكانة معاوية عند عمر رضي الله عنه، فولاه أهم أقاليم دولته، وزاد في ولايته، ولم يعزله، على كثرة من كان يعزل من عماله وأمرائه، وكان معجباً بذكائه وإدارته ولا يكتم ذلك الإعجاب [3] حتى قال يوماً لجلسائه تذكرون كسرى وقيصر ودهاءهما وعندكم معاوية [4].

4 ـ جهود معاوية رضي الله عنه على جبهة الشام:
لما تولى معاوية أمر الشام، وانطلق عمرو بن العاص لفتح مصر، أصبحت مهمة حماية الحدود الشامية للدولة الإسلامية والتوسع منها منوطة به، وتتلخص أهم إنجازاته العسكرية في أمرين هما: سن نظام الصوائف والشواتي [5]، وتكوين أسطول بحري إسلامي لأول مرة في تاريخ الإسلام [6].
أـ سن نظام الصوائف والشواتي في عهد عمر:
أصيب الروم على يد جنود الإسلام بهزائم مريرة متتالية فقدوا على أثرها الشام ومصر، بكل ما تمثلانه من أهمية اقتصادية وسياسية وعسكرية، غير أنهم لم يسلموا بهذه الهزائم، بل استمرت هجماتهم على الشام من خلال الدروب الجبلية التي تفصلهم عن باقي أجزاء إمبراطورية الروم، مما جعل عمر بن الخطاب يقول في جولته بالشام سنة 16 هـ: والله لوددت أن الدرب جمرة بيننا وبينهم لنا ما دونه، وللروم ما وراءه [7]، وفي رحلته هذه إلى الشام سمى عمر الصوائف والشواتي، وسد فروج الشام ومسالكها [8]، ومن المحتمل أن يكون هدف الروم من هجماتهم على المدن الإسلامية الحدودية منذ البداية، هو اعتماد ذلك كتدبير وقائي لحماية بلاد الروم وردع المسلمين، لكن استجابة معاوية كانت فوق التحدي، فقد نقل المعركة إلى بلاد العدو، وابتعد بالحرب عن بلاد المسلمين، وكان لا بد لمعاوية ـ من أجل تحقيق ذلك الهدف ـ من تطوير وسائط الدفاع، واعتبار العواصم والثغور مجرد قواعد متقدمة واجبها تلقي الصدمة والإنذار، مع استخدام هذه القواعد مركز انطلاق للهجمات المضادة، وقد قاد معاوية بنفسه بعض هذه الصوائف منها صائفة سنة 22 هـ حيث دخل بها بلاد الروم في عشرة آلاف، وصائفة 23 هـ [9]، حيث أوغل

[1] البداية والنهاية (11/ 415).
[2] الدولة الأموية، حمدي شاهين صـ 154.
[3] الدولة الأموية، حمدي صـ 157.
[4] تاريخ الطبري (5/ 330).
[5] الصوائف: غزو بلاد الروم في الصيف والشواتي في الشتاء.
[6] الدولة الأموية، حمدي صـ 154.
[7] تاريخ اليعقوبي (2/ 133).
[8] تاريخ الطبري (4/ 62).
[9] تاريخ الأمم والملوك (4/ 144، 160).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست