الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار - الصلابي، علي محمد

اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 54

وكان عبادة بن الصامت على ميمنة جيش المسلمين في حصار قيسارية، فقام رضي الله عنه بوعظ جنده ودعاهم إلى تفقد أنفسهم والحيطة من المعاصي، ثم قاد هجوماً قتل فيه كثيراً من الروم، لكنه لم يتمكن من تحقيق هدفه، فعاد إلى موقعه الذي انطلق منه، فحرّض أصحابه على القتال، وأبدى لهم استغرابه الشديد لعدم تحقيق أهداف ذلك الهجوم فقال: يا أهل الإسلام، إني كنت من أحدث النقباء سنّاً ,ابعدهم أجلاً، وقد قضى الله أن أبقاني حتى قاتلت هذا العدو معكم .. والذي نفسي بيده ما حملت قط في جماعة من المؤمنين على جماعة من المشركين، إلا خلوا لنا الساحة وأعطانا الله عليهم الظفر فما بالكم حملتم على هؤلاء فلم تزيلوهم [1]؟ ثم بين لهم ما يخشاه منهم، فقال: إني والله لخائف عليكم خصلتين، أن تكونوا قد غللتم، أو لم تناصحوا الله في حملتكم [2]، وحض أصحابه على طلب الشهادة بصدق، وأعلمهم أنه سيكون في مقدمتهم وأنه لن يعود إلى مكانه، إلا أن يفتح الله عليه أو يرزقه الشهادة [3]، فلم التحم المسلمون والروم، ترجل عبادة عن جواده وأخذ راجلاً، فلما رآه عمير بن سعد الأنصاري نادى المسلمون يعلمهم بما فعل أميرهم ويدعوهم إلى الاقتداء به، فقاتلوا الروم حتى هزموهم وأحجروهم في حصنهم [4] وبعد فتح قيسارية ونجاح معاوية في فتح سواحل دمشق ولاه عمر بن الخطاب ولاية الأردن وكان ذلك عام 17 هـ [5].

2 ـ ولايته على دمشق وبعلبك والبلقاء:
في سنة ثمان عشرة للهجرة توفي يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما في طاعون عمواس، فولى عمر معاوية عمل أخيه ـ دمشق وبعلبك والبلقاء [6]، وقد كان لعمل عمر هذا أكبر الأثر على نفسية والد معاوية ووالدته، فحين عزا عمر أبا سفيان في وفاة ابنه يزيد قال: يا أمير المؤمنين من وليت مكانه؟ قال: أخوه معاوية. قال: وصلت رحماً يا أمير المؤمنين. وكتب أبو سفيان لمعاوية ينصحه في بداية عمله هذا فمما قال: يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا، فرفعهم سبقهم وقدمهم عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وقصر بنا تأخيرنا، فصاروا قادة وسادة، وصرنا أتباعاً، وقد ولوك جسيماً من أمورهم فلا تخالفهم، فإنك تجري إلى أمد فنافس، فإن بلغته أورثته عقبك [7]، وكذلك كتبت له والدته هند بنت عتبة

[1] الأنصار في العصر الراشدي صـ 207.
[2] المصدر نفسه صـ 209.
[3] المصدر نفسه صـ 209
[4] المصدر نفسه صـ 209.
[5] تاريخ الطبري (4/ 67) خلافة معاوية للعقيلي صـ 17، 18.
[6] الطبقات الكبرى (7/ 406) أثر العلماء في الحياة السياسية صـ 61.
[7] البداية والنهاية (11/ 399) المقصود أورثته عقبك أي: الحمد.

اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 54

صيغة PDF

شهادة

الفهرست