responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 527
جادلهم في نفي التهم التي أشاعوها عن يزيد، ولما رجع وفد أهل المدينة من يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته واقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعاً لك. فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر لي الخشوع؟ فأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحق، وإن لم يكن رأيناه فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة فقال: ((إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)) (الزخرف، الآية: 86) ولست من أمركم في شيء [1]. قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا. قال: ما أستحل القتال على ما تريدون عليه تابعاً ولا متبوعاً. قالوا: فقد قاتلت مع أبيك، قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على ما قاتل عليه، فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا قال: لو أمرتهما قاتلت. قالوا: فقم معنا مقاماً تحض الناس فيه على القتال، قال: سبحان الله آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذا ما نصحت لله في عباده. قالوا إذا نكرهك.
قال: إذا آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق ولما رأى محمد بن الحنفية الأمور تسير في الاتجاه الذي لا يريده، وبدا يظهر له سوء عاقبة تصرفات المخالفين له من أهل المدينة حينما ترامى إلى الأسماع قدوم جيش أهل الشام إلى المدينة، لذلك قرر ترك المدينة وتوجه إلى مكة [2]، وسار أهل بيت النبوة على هذا المنوال ولزموا الطاعة، ولم يخرجوا مع أهل المدينة ضد يزيد، فعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لم يخرج مع أهل المدينة ولزم الطاعة ليزيد [3]، وهو الذي قال فيه الزهري: كان أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة، وقال عنه: لم أدرك من آل البيت أفضل من علي بن الحسين [4]، وكذلك ابن عباس رضي الله عنه وهو فقيه الأمة وحبرها وعالمها لم ينقل عنه تأييد لأهل المدينة كما أنه لم يذكر عنه أنه نزع بيعة يزيد بن معاوية، فهؤلاء أفضل آل بيت النبوة في زمانهم ومع ذلك لم يخرجوا مع أهل المدينة ومسوغات الخروج على يزيد عندهم هي أكثر من غيرهم [5].

[1] البداية والنهاية (11/ 654) وذكر الدكتور عبد العزيز دخان أن السند صحيح لأنه من طريق صخر بن جويرية وهو من الثقات عن نافع أحداث وأحاديث صـ203.
[2] البداية والنهاية (11/ 654).
[3] مواقف المعارضة صـ458.
[4] تاريخ ابن عساكر (12/ 35) مواقف المعارضة صـ458.
[5] مواقف المعارضة صـ458.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 527
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست