اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 519
إلا الله، ولربما كان حكمه فيه القتل، ثم إن هذا العرض إنما كان يعرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكفار المحاربين أعداء الإسلام، والحسين رضي اله عنه ليس من هذا الصنف بل هو من أفاضل المسلمين وسيدهم [1]، ولهذا قال ابن تيمية: وطلبه أن يستأسر لهم، وهذا لم يكن واجباً عليه [2]. والحقيقة أن ابن زياد خالف الوجهة الشرعية والسياسية حين أقدم على قتل الحسين رضي الله عنه [3]. فالظالم هو ابن زياد وجيشه الذين قدموا على قتل الحسين رضي الله عنه بعد أن رفضوا ما عرض الحسين من الصلح. ثم إن نصح الصحابة للحسين يجب أن لا يفهم على أنهم يرونه خارجاً على الإمام كما ذهب لذلك يوسف العش [4]. بل إن الصحابة رضوان الله عليهم أدركوا خطورة أهل الكوفة على الحسين وعرفوا أن أهل الكوفة كذبة، وقد حملت تعابير نصائحهم هذه المفاهيم [5]. يقول ابن خلدون: فتبين بذلك غلط الحسين، إلا أنه في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه، وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه، لأنه منوط بظنه، وكان ظنه القدرة على ذلك [6].
وأما الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانوا بالحجاز ومصر والعراق والشام والذين لم يتابعوا الحسين رضوان الله عليه، فلم ينكروا عليه، ولا أثّموه، لأنه مجتهد، وهو أسوة للمجتهدين به [7]. قال ابن تيمية: وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي يأمر فيها بقتل المفارق للجماعة لم تتناوله، فإنه رضي الله عنه لم يفارق الجماعة، ولم يقتل إلا وهو طالب للرجوع، إلى بلدة، أو إلى الثغر، أو إلى يزيد، داخلاً في الجماعة، معرضاً عن تفريق الأمة، ولو كان طالب ذلك أقل الناس لوجب إجابته إلى ذلك، فكيف لا تجب إجابة الحسين [8]، ولم يقاتل وهو طالب الولاية، بل قتل بعد أن عرض الانصراف بإحدى ثلاث ... بل قتل وهو يدفع الأسر عن نفسه، فقتل مظلوماً [9].
خامساً: بعض الرؤى في قصة الحسين رضي الله عنه:
ومن هذه الرؤى المتعلقة بقصة مقتل الحسين رضي الله عنه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه، قلت: يا رسول الله ما هذا؟ قال: دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم قال عمار راوي ذلك الحديث: فحفظنا ذلك فوجدناه قُتِل ذلك اليوم [10]، وهذا سنده صحيح عن ابن عباس [11]، وروى ابن سعد بأسانيده: قالوا: وأخذ الحسين طريق العُذيب [12] حتى [1] مواقف المعارضة صـ329. [2] منهاج السنة (4/ 550). [3] مواقف المعارضة صـ329. [4] الدولة الأموية صـ168. [5] مواقف المعارضة صـ330. [6] المقدمة (1/ 271). [7] مقدمة ابن خلدون (1/ 271). [8] منهاج السنة (4/ 556) بتصرف. [9] المصدر نفسه (6/ 340) بتصرف. [10] فضائل الصحابة رقم 1380 إسناده صحيح. [11] حقبة من التاريخ صـ137. [12] العُذيب: ماء بين القادسية والمغيثة.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 519