اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 485
رضوان الله عليهم ـ فإن الاتهام موجه إلى أهل العراق، وذلك في المسؤولية المتعلقة بقتل الحسين رضي الله عنه، فهذه أم سلمة رضي الله عنها لما جاء نعي الحسين بن علي لعنت أهل العراق وقالت: قتلوه قتلهم الله عز وجل غروه ودلوه لعنهم الله [1]. وابن عمر رضي الله عنهما يقول لوفد من أهل العراق حينما سألوه عن دم البعوض في الإحرام فقال: عجباً لكم يا أهل العراق تقتلون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسألون عن دم البعوض [2]. ويقول البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق: روافض الكوفة موصوفون بالغدر والبخل، وقد سار المثل بهم فيها، حتى قيل أبخل من كوفي، وأغدر من كوفي، والمشهور من غدرهم ثلاثة أمور هي:
أـ بعد مقتل علي رضي الله عنه، بايعوا الحسن، وغدروا به في ساباط المدائن، فطعنه سنان الجعفي.
ب ـ كاتبوا الحسين رضي الله عنه، ودعوه إلى الكوفة لينصروه على يزيد، فاغتر بهم، وخرج إليهم، فلما بلغ كربلاء غدروا به وصاروا مع عبيد الله يداً واحدة عليه. حتى قتل الحسين وأكثر عشيرته بكربلاء.
جـ ـ غدرهم بزيد بن علي بن الحسين، نكثوا بيعته، وأسلموه عند اشتداد القتال [3].
إن جزءاً كبيراً من المسئولسية يقع على أهل الكوفة، الذين جبنوا ونقضوا عهودهم.
2 ـ عبيد الله بن زياد:
استمد عبيد الله جبروته وبطشه بالمعارضين من موافقة الخليفة يزيد بن معاوية، فعندما أقدم على قتل مسلم بن عقيل النائب الأول عن الحسين بالكوفة، وداعيته هانيء بن عروة الزعيم لقبيلة مراد المشهورة، استحسن يزيد هذا الفعل ولم يعترض عليه بل إنه لم يخف إعجابه به وبطشه وعسفه، فقد قال في ردّه على رسالته: أما بعد فإنك لم تعد إن كنت كما أحببت، عملت عمل الحازم، وصلت صولت الشجاع الرابط الجأش، فقد أغنيت وكفيت، وصدقت ظني بك، ورأي فيك [4] .. فهذا التشيع دفع ابن زياد للشر أكثر خصوصاً وأن نفسه كانت ميالة للشر بطبيعتها، متطلعة إلى الغلو في مسيرتها، متعطشة إلى الدماء في سلطانها، وإلا فماذا كان عليه لو أنه نهر شمر وعنفه وردعه على قوله، واستمر في قبول خطة السلم التي عرضها الحسين رضي الله عنه. إن النفوس الدنية التي ارتفعت بعد انحطاط، وعزت بعد ذل، وتمكنت بعد حرمان، يعزّ عليها أن ترى الشرفاء الأمجاد، يتمتعون باحترام الناس وتقديرهم فتحاول أن تضع من مكانتهم، وتحط من منزلتهم إشباعاً لعقدة النقص التي تطاردهم في حياتهم، ولم يكن ابن زياد إلا واحداً من أصحاب هذه النفوس الدنية، فمن ابن زياد هذا ـ مهما كانت منزلته [1] فضائل الصحابة (2/ 782) بإسناد حسن. [2] مسند أحمد رقم 5568 إسناده صحيح. [3] الفرق بين الفرق صـ37. [4] تاريخ الطبري نقلاً عن مواقف المعارضةصـ293.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 485