responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 468
[2] ـ سجن هانيء بن عروة:
كان محمد بن الأشعث وأسماء بن خارجة يدخلون على ابن زياد مُسَلّمين، فقال لهما: ما فعل هانيء بن عروة؟ فقالا أيها الأمير، إنه عليل [1] منذ أيام فقال ابن زياد: وكيف. بلغني أنه يجلس على باب داره عامّة نهاره، فما يمنعه من إتياننا وما يجب عليه في حق التسليم؟ قالا: سنعلمه ذلك، ونخبره باستبطائك إياه فخرجا من عنده، وأقبلا حتى دخل على هانيء بن عُروة، فأخبراه بما قال لهما ابن زياد، وما قالا له، ثم قالا له: اقسمنا عليك إلاّ قمت معنا إليه الساعة لَتُسلُ سخيمة [2] قلبه. فدعا ببغلته فركبها ومضى معهما، حتى إذا دنا من قصر الإمارة خبُثت [3] نفسه فقال لهما: إن قلبي قد أوجس [4] من هذا الرجل خيفة. قالا: ولم تحدث نفسك بالخوف وأنت بريء الساحة؟
فمضى معهما حتى دخلوا على ابن زياد، فأنشأ ابن زياد يقول متمثلاً:
أريد حياته ويريد قتلي ... عَذِيرَك من خَلِلِكَ من مراد

قال: هانيء وما ذاك أيها الأمير؟
قال ابن زياد: وما يكون أعظم من مجيئك بمسلم بن عقيل وإدخالك إياه منزلك، وجمعك له الرجال ليبايعوه؟ فقال هانيء: ما فعلت وما أعرف من هذا شيئاً فدعا ابن زياد بالشامي، وقال: يا غلام، ادع لي معقلاً. فدخل عليهم. فقال: ابن زياد لهانيء بن عروة: أتعرف هذا؟ فلما رآه علم أنه إنما كان عيناً عليهم. فقال هانيء: أصدُقُك والله أيها الأمير، وإني والله ما دعوت مسلم بن عقيل وما شعرت به، ثم قصّ عليه قصّته على وجهها. ثم قال: فأمّا الآن فأنا مخرجه من داري لينطلق حيث يشاء، وأعطيك عهد وثيقاً أن أرجع إليك. قال ابن زياد" لا والله لا تفارقني حتى تأتيني به. فقال هانيء: أو يجمل بي أن أسلم ضيفي وجاري للقتل والله لا أفعل ذلك أبداً. فاعترضه ابن زياد بالخيزرانة، فضرب وجهه، وهشم [5] أنفه،، وكسر حاجبه، وأمر به فأدخل بيتاً [6]. فبلغ الخبر عمرو بن الحجاج الزبيدي أن هانئاً قد قتل، فأقبل في قبيلة مذجح، وأحاط بالقصر، ونادى بأنه لم يخلع الطاعة، وإنما أراد الاطمئنان إلى سلامة هانيء، فأمر ابن زياد القاضي شريح بأن يدخل على هانيء، وينظر إليه ويخبرهم أنه حي. ففعل [7]. فقال لهم سيدهم عمروبن الحجّاج: أما إذا كان صاحبكم حياً فما يعجلكم الفتنة؟ انصرفوا فانصرف.

[1] عليل: مريض.
[2] سخيمة القلب: حقده الدفين.
[3] خبثت: صارت خبيثة، أي رديئة ماكرة.
[4] أوجس خيفة: أحس بالخوف، فزع.
[5] هشم أنفه: حطّمه.
[6] الأخبار الطوال صـ219، تاريخ الطبري (6/ 288).
[7] المصدر نفسه صـ219.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 468
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست