اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 450
الأخير عقب لا يزال موجوداً حتى الآن في شبه جزيرة العرب في المنطقة المعروفة باسم عسير، إذ فرّ أحد أحفاده إلى هذه البقعة عند قيام الدولة العباسية وملاحقة الأمويين، واستطاع بعد مدة من تأسيس إمارة بسطت نفوذها على المنطقة واستمرت في أمرها حتى العصر الحديث، وكان منها آل عائض بن مرعي الذين كان لهم حكم المنطقة قبل سيطرة عبد العزيز آل سعود على أكثر الجزيرة [1].
رابعاً: أهم أعمال يزيد في عهد والده غزو القسطنطينية:
تكمن أهمية هذه الغزوة بذكرها في الحديث الشريف، وفضيلتها وفضيلة أهلها المجاهدين، فقد ثبت في الصحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل إلى أم حرام بنت ملحان فتطعمه ـ وكانت تحت عبادة بن الصامت ـ فدخل يوماً، فأطعمته، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ يضحك، قالت: فقلت، ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال: ناس من أمتي عُرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة، أو قال: مثل الملوك على الأسرة ـ قلت: ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ يضحك، فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال ناس من أمتي عُرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج البحر ملوكاً على الأسرة ـ أو مثل الملوك على الأسرة، فقلت ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنت من الأولين، فركبت البحر زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت [2]. وفي رواية: أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم [3].
قال ابن كثير في تعليقه على هذا الحديث: وقد كان ذلك في سنة سبع وعشرين مع معاوية حين استأذن عثمان في غزو قبرص، فأذن له فركب المسلمون في المركب حين دخلها وفتحها قسراً، وتوفيت أم حرام في هذه الغزوة في البحر وكانت مع معاوية فاخته بنت قرظة وأما الثانية فكانت في سنة اثنين وخمسين في أيام ملك معاوية، بعث ابنه يزيد ومعه الجنود إلى غزو القسطنطينية ومعه في الجيش جماعة من سادات الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد رضي الله عنه، فمات هناك وأوصى إلى يزيد بن معاوية، وأمره أن يدفنه تحت سنابك الخيل، وأن يوغل إلى أقصى ما يمكن أن تنتهي به إلى نحو جهة العدو، ففعل ذلك [4]، وفضيلة غزو القسطنطينية ليزيد، جعلت الذهبي مع شدة حمله على يزيد يقول: يزيد بن معاوية أبو خالد الأموي له هنات حسنة، وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش وفيهم مثل أبي أيوب [1] التاريخ الإسلامي، العهد الأموي، محمود (4/ 127). [2] مسلم، الصحيح مع شرح النووي (13/ 58 ـ 59). [3] فتح الباري (6/ 120). [4] البداية والنهاية نقلاً عن مواقف المعارضة صـ62.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 450