responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 442
وأغمى على معاوية رضي الله عنه في سكرات الموت ثم أفاق فقال لأهله: اتّقوا الله، فإن الله يَقي من اتَّقاه ولا يَقي من لا يَتَّقي [1]، وجعل معاوية رضي الله عنه لما احتضر يضع خده على الأرض ثم يُقلِّب وجهه ويضع الخد الآخر ويبكي ويقول: اللهم إنك قلت في كتابك: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)) (النساء، الآية: 48) اللهم اجعلني ممَّن تشاء أن تغفر له [2]، ومن دعائه في ذلك اليوم: اللهم أقل العثرة، واعف عن الزلة وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يَرْجُ غيرك فإنك واسع المغفرة ليس لذي خطيئة من خطيئته مهرب إلا إليك ثم مات [3]. وجاء في رواية: اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي [4] رحم الله معاوية رضي الله عنه.

3 ـ سنة وفاة معاوية ومن صلى عليه:
قال الطبري: في هذه السنة هلك معاوية بن أبي سفيان بدمشق، فاختلف في وقت وفاته بعد إجماع جميعهم على أن هلاكه كان في سنة ستين من الهجرة وفي شهر رجب [5]، وقال ابن حجر: مات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح [6] وصلى على معاوية الضحاك ابن قيس الفهري، وكان يزيد غائباً حين مات معاوية [7]، فقد خرج الضحاك حتى صعد المنبر وأكفان معاوية على يديه تلوح، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن معاوية كان عود العرب [8]، وحدّ العرب [9]، قطع الله عز وجل به الفتنة وملَّكهُ على العباد، وفتح به البلاد. ألا إنه قد مات، فهذه أكفانه فنحن مدرجوه فيها، ومدخلوه قبره، ومُخَلُّون بينه وبين عمله، ثم هو البرزخ إلى يوم القيامة، فمن كان منكم يريد أن يشهده فليحضر عند الأولى [10]، وبعث البريد إلى يزيد بوجع معاوية وقد اختلف المؤرخون هل حاضر يزيد وفاة أبيه أم لا؟ والصحيح أن يزيد لم يدرك والده حياً وإنما جاء بعد موته [11]. ولما وصل يزيد الخبر قال:
جاء البريد بقرطاس يخب به ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا: لك الويل ماذا في كتابكم؟ ... قالوا: الخليفة أمس مثبتاً وجعا
فمادت الأرض أو كادت تميد بنا ... كأن أغبر من أركانها انقطعا
من لا تزال نفسه توفي على شرف ... توشك مقاليد تلك النفس أن تقعا
لما انتهينا وباب الدار منصفق ... وصوت رملة [12] رِيعَ القلب فانصدعا (13)

[1] تاريخ الطبري (6/ 245).
[2] البداية والنهاية (11/ 457).
[3] المصدر نفسه (11/ 457).
[4] تاريخ ابن خلدون (3/ 21).
[5] تاريخ الطبري (6/ 241).
[6] الإصابة (6/ 155).
[7] تاريخ الطبري (6/ 245).
[8] العود: الرجل المسن: لسان العرب (3/ 321).
[9] حد كل شيء: منتهاه.
[10] أي عند صلاة الظهر كما ورد في بقية المصادر.
[11] تاريخ الطبري (6/ 246).
[12] رملة بنت معاوية بن أبي سفيان، زوجة عمرو بن عثمان بن عفان.
(13) تاريخ الطبري (6/ 246).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 442
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست