responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 379
[2] ـ استشهاد عقبة بن نافع وأبو المهاجر رحمهما الله تعالى:
يبدو أن عقبة المجاهد المخلص، كان يحس إحساس المؤمن الصادق، أنه سيلقى ربه شهيداً في هذه الجولة، فعندما عزم على المسير من القيروان في بداية الغزو دعا أولاده وقال لهم: إني قد بعت نفسي من الله عز وجل ... إلى أن قال ولست أدري أتروني بعد يومي هذا أم لا، لأن أملي الموت في سبيل الله، وأوصاهم بما أحب، ثم قال: عليكم سلام الله .. اللهم تقبل نفسي في رضاك [1]. نعى عقبة نفسه إلى أولاده، فتقبل الله منه وحقق له أمله في الشهادة، فقد أعد له الروم والبربر كميناً عند تهوذة [2]، وأوقعوا به وقضوا عليه هو ومن معه من جنوده، وترجع المصادر أمر الكارثة التي تعرض لها عقبة عند تهوذة إلى سبب رئيسي وهو سياسته نحو البربر بصفة عامة، وزعيمهم كسيلة بصفة خاصة ذلك الزعيم صاحب النفوذ والمكانة في قومه، والذي كان أبو المهاجر قد تألفه وأحسن إليه، فأسلم وتبعه كثير من قومه، لكن عقبة أساء إلى هذا الرجل إساءة بالغة، فأدرك أبو المهاجر عاقبة الخطأ الذي وقع فيه عقبة ولم يكتم نصيحته عنه ـ رغم أنه كان في حكم المعتقل ـ ولكن عقبة لم يسمع منه، وكان أبو المهاجر من معاشرته للبربر وزعيمهم، قد عرف مدى اعتزازهم بكرامتهم وأدرك أنهم لن يقبلوا هذه الإهانة، وهذا الإذلال الذي لحق بزعيمهم من عقبة فخاف غدرهم، فأشار على عقبة بالتخلص من كسيلة وقال له: عاجله قبل أن يستفحل أمره ([3]
ولكن عقبة لم يصغ إلى هذه النصيحة أيضاً وليته احتاط للأمر، بل أقدم على عمل آخر في غاية الخطورة، حيث جعل معظم جيشه يسير أمامه بعد أن رجع من رحلته الطويلة من المغرب الأقصى قاصداً القيروان، ولما صار قريباً من القيروان أرسل غالب جيشه على أفواج إلى القيروان وبقي هو على رأس الفوج الأخير، ومعه ما يقرب من ثلاثمائة من الفرسان من الصحابة والتابعين، وكان من عادة عقبة أنه يكون في مقدمة الجيش عند الغزو ويكون في الساقة عند قفول الجيش، فهو بذلك يعرض نفسه لخطر مواجهة العدو دائماً وإن هذه التضحية الكبيرة جعلته محبوباً لدى أفراد جيشه بحيث لا يعصون له أمراً ويتسابقون على التضحية اقتداء به، وهذه الصفة تعتبر من أهم عوامل نجاح القائد في أي عمل يتوجه إليه ولما علم الروم بانفراد عقبة بهذا العدد القليل من جيشه انتهزوا هذه الفرصة لمحاولة القضاء عليه، وهم يدركون أن وجوده القوي يعتبر أهم العوامل في تماسك المسلمين وبقاء قوتهم، فتآمروا عليه مع كسيلة البربري، فجمعوا لعقبة وأصحابه جمعاً لا قِبَلَ لهم [4] به وإذا بكسيلة يحيط بجيش

[1] البيان المغرب (1/ 23ـ24).
[2] تهوذة: اسم لقبيلة بربرية بناحية إفريقية لهم أرض تعرف بهم.
[3] الكامل في التاريخ (2/ 591) ..
[4] التاريخ الإسلامي (13/ 263).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 379
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست