responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 346
ثانياً: التخطيط الاستراتيجي عند معاوية للاستيلاء على القسطنطينية:
حرص معاوية رضي الله عنه أن يكون زمام المبادرة دائماً في يده، لأنها هي التي تمد جزر شرق البحر المتوسط بالقوات والعتاد وتشجع أهلها على شن الغارات على ساحل مصر والشام، وقد سار في تحقيق هذا الهدف في عدة اتجاهات:
1 ـ الاهتمام بدور صناعة السفن في مصر والشام، واختيار أمهر الصناع للعمل فيها والإغداق عليهم بالأجور والهبات حتى يبذلوا قصارى جهدهم بالعمل [1]، فقد أدرك معاوية ـ رضي الله عنه ـ بحسه العسكري وفكره العبقري أن معارك المسلمين مع الروم، ستعتمد أساساً على الأسطول البحري، وزاد هذا الإحساس عمقاً في قلب معاوية ونفسه تكتل الروم وإعدادهم أكثر من خمسمائة سفينة في معركة ذات الصواري لقهر الأسطول الإسلامي، ومع أن الروم باءوا بفشل ذريع في هذه المعركة، إلا أنهم لم يكفوا عن الإعداد ولم ينتهوا عن تجميع قواتهم لمواجهة قوة المسلمين في البحر، لقد كانوا يظنون أن قوة المسلمين البحرية يمكن القضاء عليها لأنها لا زالت في دور التكوين، ولكنهم فوجئوا بهزيمتهم المنكرة في ذات الصواري، فتوقعوا بعد ذلك أن تكون المعركة القادمة على أسوار العاصمة القسطنطينية فراحوا يستعدون لذلك [2]، وقد أدى التعاون بين مصر والشام في صناعات السفن إلى الوصول إلى نتائج ممتازة، ففي الشام كانت تتوفر أخشاب الصنوبر القوي والبلوط والعرعر التي تصلح لبناء السفن وفي مصر كانت توجد الأخشاب التي تصلح لعمل الصواري، وضلوع جوانب السفن، وخشب الجميز واللبخ والدوم التي تصلح لصناعة المجاديف [3]، وكذلك استغل معاوية معدن الحديد الذي كان متوافراً في مصر والشام واليمن لعمل المسامير والمراسي والخطاطيف والفؤوس، كما كان يتوافر في مصر مادة القطران اللازمة لقلفطة السفن، ونبات الدقس الذي كانت تصنع منه الحبال، وباختصار فقد أدى التعاون المصري الشامي إلى ازدهار البحرية الإسلامية التي ازدادت أهميتها بعد أن أمر معاوية عامله على مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري ببناء دار لصناعة السفن في جزيرة الروضة عام 54 هـ [4].
وذلك على أثر غارة شنها البيزنطيون على مصر [5].
2ـ تقوية الثغور البحرية في مصر والشام، فقد آثر أن يحصن المدن الساحلية ويزودها بالقوات المجاهدة بما يجعلها قواعد تنقل منها الجنود بحراً إلى أي مكان يشاء ووضع لهذه المدن نظاماً عرف بالرباط، وهو ما يقصد به الأماكن التي تتجمع بها الجند والركبان استعداداً للقيام بحملة على أرض العدو، واعتني بهذا النظام حتى أصبح جزءاً مرتبطاً اشد الارتباط

[1] العالم الإسلامي في الأموي صـ245.
[2] الأمويون، محمد سيد الوكيل (1/ 154).
[3] تاريخ الدولة العربية صـ312.
[4] العالم الإسلامي في العصر الأموي صـ246.
[5] كتاب الولاة والقضاة للكندي صـ38.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست