responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 335
* وصيته عند موته:
يروي ابن شماسة المهري وصية عمرو بن العاص لحظة احتضاره فيقول: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت [1]، فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ قال فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إني كنت على أطباق ثلاث [2]. لقد رأيتني وما أحد أشد بغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني، ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، لو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال فقبضت يدي، قال مالك يا عمرو؟ قال قلت: أردت أن اشترط، قال تشترط بماذا؟ قلت: أن يغفر لي، قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله [3]، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ وما كان أحد أحب إلي من رسول الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه، ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة [4]. وجاء في رواية: ثم تلبست بعد ذلك بالسلطان وأشياء، فلا أدري عليّ أم لي، فإذا مت فلا تبكينَّ عليّ باكية، ولا تتبعني مادحاً ولا ناراً وشُدُّوا عليّ إزاري فإني مخاصم وشُنُّوا عليّ التراب شَنَّا فإن جنبي الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر، ولا تجعلُنَّ في قبري خشبة ولا حجراً، وإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جذور وتقطيعها، أستأنس بكم [5].
وقد روى مسلم هذا الحديث في صحيحه: كي أستأنس بكم لأنظر ماذا أراجع به رسل ربي عز وجلّ [6]، وفي رواية: أنه بعد هذا حوّل وجهه إلى الجدار وجعل يقول: اللهم أمرتنا فعصينا، ونهيتنا فما انتهينا، ولا يسعنا إلا عفوك. وفي رواية: أنه وضع يده على موضع الغُلِّ من عنقه، ورفع رأسه إلى السماء، وقال: اللهم لا قويُّ فأنتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا اله إلا أنت، فلم يزل يُردّدها حتى مات رضي الله عنه [7].

2 ـ ولاية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه:
كانت وفاة عمرو ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين، واستخلف ابنه عبد الله على صلاتها وخراجها [8] وبعد وصول خبر وفاة عمرو بن العاص إلى معاوية قام بتعيين أخيه عتبة على مصر

[1] في سياقة الموت: أي: حال حضوره.
[2] أي: على ثلاث أحوال.
[3] أي يسقطه ويمحو أثر، وصايا وعظات قيلت آخر الحياة للحموي صـ70.
[4] مسلم رقم 121.
[5] البداية والنهاية (11/ 161).
[6] مسلم 121.
[7] البداية والنهاية (11/ 161).
[8] ولاة مصر للكندي صـ57.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 335
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست