اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 320
شمس، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن واشتهر أبو هريرة بكنيته، حتى غلبت على اسمه فكاد ينسى، وسئل أبو هريرة: لم كنيت بذلك؟ قال كنيت أبا هريرة لأني وجدت هرة فحملتها في كمي، فقيل لي: أبو هريرة: وكان يرعى غنم أهله في صغره، ويداعب هرته وكان يقول: لا تكنوني أبا هريرة، فإن النبي الله صلى الله عليه وسلم كناني أبا هر، والذكر خير من الأنثى [1].
ب ـ إسلامه: هاجر أبو هريرة من اليمن إلى المدينة ليالي فتح خيبر، وكان ذلك سنة سبع من الهجرة، وكان قد أسلم على يد الطفيل بن عمرو في اليمن، ووصل المدينة وصلى الصبح خلف سباع بن عرفظة الذي كان قد استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة أثناء غزوة خيبر [2]. وقد لازم أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر حياته، وقصر نفسه على خدمته، وتلقى العلم الشريف منه، فكان يدور معه ويدخل بيته، ويصاحبه في حجه وغزوه، ويرافقه في حله وترحاله، في ليله ونهاره، حتى حمل عنه العلم الغزير الطيب، فكانت صحبته أربع سنوات، وقد اتخذ الصُّفة مقاماً له، وخدم الرسول صلى الله عليه وسلم على ملء بطنه، وجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عريف أهل الصفة، فقد كان أعرف الناس بهم وبمراتبهم [3].
ت ـ دعوته لأمه للإسلام: قال أبو هريرة رضي الله عنه كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبو هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهم أهد أم أبي هريرة، فخرجت مستبشراً بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جئت إلى الباب فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشف قدمي فقالت: مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت: أبا هريرة أشهد أن لا إليه إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت يا رسول الله أبشر، قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة: فحمد الله وأثنى عليه وقال خيراً. قالت: يا رسول الله ادعو الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهم حبب عُّبيدك هذا ـ يعني أبا هريرة ـ وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين. فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني [4].
ت ـ عبادة أبي هريرة رضي الله عنه وأسرته:
كان أبو هريرة رضي الله عنه ورعاً، ملتزماً سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، [1] سير أعلام النبلاء (2/ 424). [2] المصدر نفسه (2/ 425). [3] حلية الأولياء (1/ 376) السنة قبل التدوين محمد عجاج الخطيب صـ412. [4] مسلم رقم 2491، بر الوالدين، أم حفص الشويحي صـ35.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 320