اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 306
عنيف، لا يدري أحد من سيكون الرابح في مثل ذلك الموقف الخطير [1]، وقد تمّ لمعاوية احتواء حركة اعتصام زياد بفارس، ولم يستعجل في الأمر، وابتعد عن استخدام القوة، وأعطى للزمن فرصته، واستعان بداهية من دهاة العرب في اقناع زياد وهذا من حكمته [2] رضي الله عنه.
جـ ـ حول استلحاق معاوية زياد بن أبيه:
قال الطبري في عام 44 هـ: في هذه السنة استلحق معاوية نسب زياد بن سمية بأبيه أبي سفيان فيما قيل [3]، وقال الطبري: ... زعموا أن رجلاً من عبد القيس كان مع زياد لما وفد على معاوية فقال لزياد: إن لابن عامر عندي يداً، فإن أذنت لي أتيته، قال: على أن تحدثني ما يجري بينك وبينه، قال: نعم، فإذن له فأتاه، فقال له ابن عامر: هيه هيه أو ابن سمية يقبح آثاري، ويعرض بعمالي، لقد هممت أن آتي بقسامه [4] من قريش يحلفون أن أبا سفيان لم ير سمية، قال: فلما رجع سأله زياد، فأبى أن يخبره، فلم يدعه حتى أخبره فأخبر ذلك زياد معاوية، فقال معاوية لحاجبه: إذا جاء ابن عامر فاضرب وجه دابته عن أقصى الأبواب، ففعل ذلك به، فأتى ابن عامر يزيداً، فشكا إليه ذلك، فقال له: هل ذكرت زياداً؟ قال: نعم، فركب معه يزيد حتى أدخله، فلما نظر إليه معاوية قام فدخل، فقال يزيد لابن عامر: أجلس فكم عسى أن تقعد في البيت عن مجلسه فلما أطال خرج معاوية، وفي يده قضيب يضرب به الأبواب، ويتمثل:
لنا سياق [5] ولكم سياق
قد علمت ذلكم الرفاق (6)
ثم قعد فقال: يا ابن عامر، أنت القائل في زياد ما قلت: أما والله لقد علمت العرب أني كنت أعزها في الجاهلية، وإن الإسلام لم يزدني إلا عزاً، وإني لم أتكثر بزياد من قلة، ولم أتعزز به من ذلة، ولكن عرفت حقاً له فوضعته موضعه [7]، وقد اتهم معاوية رضي الله عنه عندما استلحق زياد بن أبيه إلى أبيه بأنه خالف أحكام الإسلام لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش [8]، وللعاهر الحجر [9]. وقد ردّ على هذا [1] زياد بن أبيه ودوره في الحياة العامة صـ 75 إلى 81. [2] مرويات خلافة معاوية صـ173، تاريخ الطبري (6/ 94، 95). [3] تاريخ الطبري (6/ 131). [4] تاريخ الطبري (6/ 131) القسامة: هم القوم الذين يحلفون. [5] السياق: المهر، القاموس المحيط 1156.
(6) تاريخ الطبري (6/ 132). [7] المصدر نفسه (6/ 132). [8] الفراش: لقطة يعبر بها عن المرأة غالباً وقد يعبر بها عن حالة الافتراش والمراد لحوق حالة نسب الولد بمن له الاختصاص بالوطء كالزوج والسيد فتح الباري (12/ 36). [9] صحيح سنن أبي داود (2/ 430) للعاهر الحجر: أي للزاني الخيبة وحرمان الولد الذي يدعيه، وقد جرت عادة العرب أن تقول لمن خاب: له الحجر وبقية الحجر والتراب فتح الباري (12/ 37).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 306