responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 30
ثالثاً: هند بنت عتبة بن ربيعة أم معاوية رضي الله عنهما:
هي أم معاوية، أسلمت يوم الفتح، بعد إسلام زوجها أبي سفيان، فأقاما على نكاحهما، ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيعة الرِّجال، بايع النساء، وفيهنَّ هند بنت عتبة وكانت متنكرة، خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرفها، لما صنعت بحمزة ـ على ألاَّ يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن، وأرجلهن، ولا يعصين في معروف، ولما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ولا يسرقن قالت هند: يا رسول الله، إن أبي سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني، ويكفي بنيَّ، فهلَّ عليَّ من حرج إذا أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال لها صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف، ولما قال: ولا يزنين قالت هند: وهل تزني الحرّة؟ ولمّا عرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم، فاعف عمّا سلف عفا الله عنك، وقد بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير مصافحة، فقد كان لا يصافح النساء، ولا يمس يد إمرأة إلا إمرأة أحلّها الله له، أو ذات محرم منه، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: لا والله! ما مست يد رسول الله يد إمرأة قط [1]. وروى ابن سعد بسنده عن عبد الله بن الزبير إنه لما بايعت هند تكلمت فقالت: يا رسول الله، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه، لتنفعني رحمك يا محمد، إنني إمرأة مؤمنة بالله، مصدقة برسوله، ثم كشفت عن نقابها وقالت: أنا هند بنت عتبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مرحباً بك، فقالت: والله ما كان على الأرض أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض من أهل خباءٍ أحب إليَّ أن يذلوا من أهل خِبائك، قال: وأيضاً والذي نفسي بيده.
قالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجل ممسك، فهل عليَّ حرج أن أُطعم من الذي له عِيالنا قال: لا أراه إلا بالمعروف [2]. ولما أسلمت هند وبايعت عادت إلى بيتها فجعلت تكسر صنماً كان عندها حتى فلذته فلذة وهي تقول: كنت منك في غرور [3]، ولما رأت المسلمين ببيت الله الحرام قالت: والله ما رأيت الله عُبد حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة، والله إن باتوا إلا مصلين قياماً وركوعاً وسجوداً [4]. وكان لهند في جاهليتها موقف مع زينب بنت المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد كانت بمكة مع زوجها أبي العاص بن الربيع وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يأتيه بها إلى المدينة، وكان ذلك بعد ((بدر)) ولم تجف دماء قريش بعد، وكانت ((هند)) قد أصيبت بأبيها وأخيها وعمها، وكانت تطوف على مجالس قريش وأنديتها تُذكي نار الثأر، وتؤجج أوار الحرب، وفي الطريق لقيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد تسرَّب خبر استعدادها للخروج لأبيها فقالت هند: أي بنت محمد: بلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك!! .. أي إبنة عمي، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يعينك في سفرك، أو بمال تبلغين به إلي أبيك، فعندي حاجتك فلا تستحي مني، فإنه لا يدخل بين النساء ما يكون بين

[1] البخاري رقم 5288 مسلم رقم 1866.
[2] الطبقات الكبرى (8/ 172)، البخاري رقم 3825.
[3] الطبقات (8/ 172).
[4] نحو رؤية جديدة للتاريخ صـ 200.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست