الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار - الصلابي، علي محمد

اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 296

فإني لا أوتي بمدلج إلا سفكت دمه، ... وقد أحدثتم أحداثاً لم تكن، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة، فمن غرّق قوماً، غرقناه، ومن حرّق على قوم حرقناه، ومن نقب بيتاً نقبت عن قلبه، ومن نبش قبراً دفنته فيه حياً [1] ... من هذه الخطبة يتبين مدى التدهور الحاصل في البصرة، من خلال طبيعة الجرائم التي كان يرتكبها بعض المنحرفين من أهلها قبل قدوم زياد، وحين انتهى من خطبته أمر صاحب الشرطة بحراسة الطرقات وقتل كل من يوجد خارج منزله ليلاً [2] ويروي البلاذري أن زياداً لم يتردد في تنفيذ ما توعّد به [3] حرفياً.

3 ـ تنفيذ العقوبات الشرعية:
من الواجبات التي كانت الشرطة تقوم بها، تنفيذ الحدود الشرعية، التي يأمر بها القضاة، ضد كل من يظهر منه فساد في المجتمع الإسلامي، والحدود الشرعية كما هو معروف، مذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية بينت ذلك وكان الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لديهم غيرة وحرص على أوامر الدين وتنفيذها، ومن ذلك ما رواه الإمام مالك أنّ عبداً سرق وديّا [4] فوجدوه، فاستعدى على العبد مروان بن الحكم [5]، فسجن مروان العبد، وأراد قطع يده، فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج رضي الله عنه، فسأله عن ذلك، فأخبره: أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر [6]، فقال الرجل: فإنَّ مروان بن الحكم أخذ غلاماً لي وهو يريد قطع يده، وأنا أحبّ أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله، فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم، فقال: أخذت غلاماً لهذا، فقال: نعم، فقال: ماأنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده، فقال له رافع: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر، فأمر مروان بالعبد فأرسل [7]، ويستفاد من هذه اللمحة كذلك، احترام الولاة والعمال للصحابة الكرام، وعدم التعرّض لتصرّفاتهم ما دامت منبثقة من الحرص على تنفيذ أمر الله ورسوله حتى وإن كانت داخلة ضمن مهام الوالي ([8])،
ومن مظاهر الغيرة على أوامر الدين وتغليب أمر الله على ما سواه، امتناع والي شرطة المدينة مصعب بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما من هدم دور بني هاشم، ومن كان في حيّزهم، ودور بني أسد بن العزّي، والشدّة

[1] تاريخ الطبري (6/ 136).
[2] الشرطة في العصر الأموي صـ83، أنساب الأشراف (4/ 172).
[3] الشرطة في العصر الأموي صـ83.
[4] الودي: الواحدة وديّة، وهي صغار النخل، الفائق في غريب الحديث (4/ 51).
[5] ولاية الشرطة في الإسلام 120.
[6] الكثر: بفتح الكاف والمثلثة هو جمّار النخل أي وعاء الطلع.
[7] في جوفة وهو يؤكل: انظر:: الفائق في غريب الحديث (3/ 247).
[8] ولاية الشرطة قي الإسلام صـ121 ..

اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 296

صيغة PDF

شهادة

الفهرست