responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 283
نرى أن القضاء في العهد الأموي كان مستقلاً عن أي سلطة أخرى حتى سلطة الخليفة أو الوالي الذي كانت سلطته تنتهي عند تولية القاضي أو عزله، دون أن يكون لهم تدخل في أعمال القاضي واجتهاده وحكمه، وما على الخلفاء والولاة إلا تنفيذ الأحكام التي يصدرها القضاة [1]. قال النُباهي: ولما أفضى الأمر إلى معاوية بن صخر جرى بجهده على سنن من تقدّمه من ملاحظة القضاة، وبقي الرسم على حذو ترتُّبه زماناً [2]. فقد كان معاوية رضي الله عنه أول خليفة امتنع من القضاء تماماً، ودفعه إلى غيره، فكان له قضاة في قاعدة ملكه، فضلاً عن قضاته في الأمصار [3].

ثالثاً: رزق القضاة: من المعلوم أن عمر بن الخطاب هو الذي فصل القضاء عن الولاية، وهو أول من رتب أرزاق القضاة، وأمَّا أمير المؤمنين علي وهو المعروف بالزهد والقناعة فقد قال لعامله على مصر في شأن القضاة: ... وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إلى الناس [4]، واستمر الحال على ذلك في العهد الأموي، فكانت تجري على القضاة أرزاقهم من بيت المال [5]، مع التوسع عليهم، واختلاف المقدار بحسب البلدان والظروف [6]، وروى الشعبي عن شريح أنه كان يأخذ على القضاء خمسمائة درهم كل شهر ويقول: استوفي لهم، وأوفيهم ويقول أيضاً: أجلس لهم على القضاء وأحبس نفسي ولا أرزق؟؟ ولما قدم عبد الملك بن مروان النخيلة سنة 72 هـ، وسأل عن شريح، فعلم أنه امتنع عن القضاء في ـ عهده ـ ابن الزبير، فاستدعاه وقال له: وفقك الله، عُدْ إلى قضائك، فقد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم، وثلاثمائة جريب، فأخذهما وقضى إلى سنة ثمان وسبعين [7]، وكان بعض القضاة لا يأخذون على القضاء أجراً ويحتسبون أجرهم عند الله تعالى في إقامة شرعه، منهم مسروق بن الأجدع القاضي والمفتي ت 63 هـ وكان أعلم بالفتيا من شريح، وشريح أبصر منه في القضاء، وقالت امرأة مسروق: كان مسروق لا يأخذ على القضاء رزقاً، وقال القاسم: كان مسروق يقول: لأن أقضي يوماً فأقول فيه الحق أحب إلي من أن أرابط سنة في سبيل الله [8].
رابعاً: تسجيل الأحكام والإشهاد عليها:
ظهر في العهد الأموي لأول مرة تسجيل الأحكام القضائية التي يصدرها القاضي في

[1] المصدر نفسه صـ167.
[2] تاريخ قضاة الأندلس صـ24.
[3] عبقرية الإسلام في أصول الحكم صـ342.
[4] القضاء ونظامه في الكتاب والسنة صـ267.
[5] تاريخ القضاء في الإسلام صـ167.
[6] المصدر نفسه، 176، 177.
[7] أخبار القضاة (2/ 227، 397).
[8] طبقات ابن سعد (6/ 82) تاريخ القضاء في الإسلام صـ178.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست