اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 25
واشترك مكرهاً ضده في غزوة بدر وأسر بها، ولكنه لم يهاجر إلى المدينة ويعلن إسلامه إلا والرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه لفتح مكة [1]، وقد أسلم في مكة نفر من بني هاشم وبذلوا في سبيل الدعوة الكثير مثل على بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب وغيرهم ولكنهم كانوا يشاركون غيرهم من غير بني هاشم في ذلك كأبي بكر وعمر وعثمان، ولم يكن بذلهم لأنهم هاشميون بل لأنهم مسلمون، ويظل إيمانهم دليلاً على صدق القول باختلاف استجابة الأفراد للدعوة الإسلامية بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية [2]، وبالنسبة لبني أمية وموقفهم من الإسلام فإن مؤرخينا لا يتحدثون عنهم كبطن مستقل من بطون قريش وإنما يتحدثون عنهم مع غيرهم من بني عبد شمس والد أمية، فيعدونهم وحدة واحدة [3]، وقد كانوا أبناء أب واحد وتربطهم علاقات التصاهر والترابط الاجتماعي ولذلك فإنهم عند حديثهم عن عداء بني أمية للرسول يذكرون إسمي عتيبة وشيبة إبني ربيعة بن عبد شمس، ورغم أنهما ليسا من بني أمية .. ويذكرون معهما أيضاً أبا سفيان بن حرب وعقبة بن أبي معيط، فأما عقبة بن أبي معيط هذا فقد كان من مردة قريش، فقد تفل في وجه رسول الله، وأنه رمى عليه صلى الله عليه وسلم سلى جزور وهو يصلي، وأنه خنقه بثوب في عنقه حتى دفعه أبو بكر الصديق ([4])،
وقد نال جزاءه لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله بعد أسره يوم بدر، والغريب أنه كان يذكره بما بينهما من رحم [5]، ومثل هذه النماذج الطائشة لم ينفرد بها بنو أمية أو عبد شمس في مكة آنذاك [6] وأما معارضة عتبة وشيبة إبني ربيعة فمعلومة ومشهورة ومع هذا لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وصده عنها أهلها وتبعه الصبيان والغلمان يرمونه ويصيحون به لجأ إلى حائط إبني ربيعة عتبة وشيبة، فلما رأياه على هذا الحال تحركت له رحمهما، فدعوا غلاماً نصرانياً يقال له عداس، فقالا له: خذ قطعاً من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم إذهب إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه [7].
ثالثاً: أمويون مسلمون منذ بداية الدعوة الإسلامية:
وإذا جارينا نهج المؤرخين في الحديث عن بني أمية وبني عبد شمس معاً، فإننا نرى منهم جماعة كانوا من السابقين إلى الإسلام، فمنذ المرحلة السرية للدعوة وقبل الجهر بها كان قد أسلم كل من عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، وكان إسلامه على يد أبي بكر الصديق في أيام الإسلام الأولى [8]، وكذلك كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وقد أسلم في هذه المرحلة السرية التي دامت حوالي ثلاث سنين [9] ـ أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد [1] السيرة النبوية لابن هشام (4/ 12). [2] الدولة الأموية المفترى عليها صـ 127. [3] السيرة النبوية لابن هشام (3/ 70 ـ 71). [4] البخاري، رقم 3687، 3856 .. [5] السيرة النبوية لابن هشام (2/ 212). [6] الدولة الأموية المفترى عليها صـ 127. [7] السيرة النبوية (1/ 292 ـ 293). [8] السيرة النبوية لابن هشام (1/ 260). [9] تاريخ الطبري (2/ 318).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 25