responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 196
القوم والولاة وغيرهم وثانيها شورى تتعلق بالسلطان خاصة، وكان الخلفاء من بني أمية يفزعون فيها إلى آل بيتهم ويقضون فيها بينهم [1].
وقيادة معاوية للدولة لم تكن فردية خالصة، فاللامركزية في الحكم والإدارة في الأغلب، ومشاركة الرجال من أهل الرأي والخبرة في حمل المسئولية والقيام بأعباء الدولة في السلم والحرب وفي المركز والولايات، ووجود الإسلام في حياة الفرد والمجتمع والدولة سلوكاً ونظام حكم منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، تقلل من مظهر القيادة الفردية ومساوئها، وتعزز مظهر الشورى وغلبة الاتجاه العام الثابت في السياسة والقيادة والإدارة وتصريف الأمور ورعاية المصالح [2]، كما أن تحول الخلافة الراشدة إلى ملك وراثي لم يكن يعني تحولاً كاملاً عن شورى الراشدين أو ارتداداً عن أوامر الإسلام ومنهجه في الحكم، وقد كان لذلك ما يبرره من تطور إجتماعي وسياسي ولقد بقيت ـ في عهد معاوية ـ والعصر الأموي ـ كما يقرر ابن خلدون ـ: معاني الخلافة من تحري الدين ومذاهبه، والجري على مذاهب الحق، ولم يظهر التغير إلا في الوازع الذي كان ديناً ثم انقلب عصبية وسيفاً، وهكذا كان الأمر لعهد معاوية ومروان وابنه عبد الملك والصدر، الأول من خلفاء بني العباس إلى الرشيد وبعض ولده، ثم ذهبت معاني الخلافة ولم يبق إلا إسمها [3]. وما ذهب إليه ابن خلدون ليس على إطلاقه ففي عهد الدوة العثمانية في زمن محمد الفاتح انتعشت بعض معاني ومقاصد الخلافة، من الفتوحات، والدعوة، وإعزاز الإسلام، والعدل، ولم يذم الشرع العصبية أو الملك لما كان القصد منها إقامة الدين، وإظهار الحق، وقد سأل سليمان عليه السلام ربه فقال: ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)) (ص، الآية: 35)، لما علم من نفسه أنه بمعزل عن الباطل في النبوة والملك ([4]
وعلى ذلك فإن ((الملك الذي يخالف بل ينافي الخلافة هو الجبروتية [5]، التي يقصد بها قهر الناس بغير حق، ولم يكن ذلك شأن معاوية في خلافته، وقد استرعى انتباه بعض فقهائنا ومؤرخينا ذلك القرب الشديد بين مقاصد خلافة معاوية ومقاصد خلافة الراشدين، لذلك فقد رأى ابن تيمية: .. فهذا يقتضي أن شوب الخلافة بالملك جائز في شريعتنا، وأن ذلك لا ينافي العادل، وإن كانت الخلافة المحضة أفضل [6]، ولن نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا إن معاوية وبعض خلفاء بني أمية كان يود لو سار سيرة الراشدين كاملة، ولكنهم كانوا قادرين على ذلك في تفاعلهم مع

[1] في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية صـ 57.
[2] دراسة في تاريخ الخلفاء الأمويين صـ102.
[3] مقدمة ابن خلدون، نقلاً عن الدولة الأموية المفترى عليها صـ275.
[4] مقدمة ابن خلدون، نقلاً عن الدولة الأموية المفترى عليها صـ275 ..
[5] المصدر نفسه.
[6] الفتاوي (35/ 18).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست