responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 192
هذا موضعه, وإنما كان فضل المشرق عليهم بوجود أمير المؤمنين علي, وذلك كان أمراً عارضاً ولهذا لما -مات- علي رضي الله عنه أظهر منهم من الفتن, والنفاق, والردة, والبدع, مايعلم به أن أولئك كان أرجح [1]. وكذلك - أيضاً - لاريب أن في أعيانهم من العلماء والصالحين من هو أفضل من كثير من أهل الشام, كما كان علي وابن مسعود, وعمار وحذيفة ونحوهم, أفضل من أكثر من بالشام من الصحابة, لكن مقابلة الجملة وترجيحها لا يمنع اختصاص الطائفة الأخرى بأمر راجح وهذا يبين رجحان الطائفة الشامية من بعض الوجوه مع أن علياً رضي الله عنه كان أولى بالحق ممن فارقه, ومع أن عماراً قتلته الفئه الباغية - كما جاءت به النصوص - فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله, ونقر بالحق كله, ولا يكون لنا هوى, ولانتكلم بغير علم, بل نسلك سبل العلم والعدل, وذلك هو اتباع الكتاب والسنة, فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض, فهذا منشأ الفرقة والإختلاف [2].

رابعاً: أهل الحل والعقد في عهد معاوية رضي الله عنه:
كان المجتمع الإسلامي في عصر الراشدين يتطور تطوراً سريعاً وخطيراً بشكل يهدد المحافظة على السمات الأساسية لحكمهم والتي تظهر في ذلك الحب والانسجام والحرص المتبادل بين الخليفة والرعية وخوف الله في معاملة بعضهم للبعض، وقد تمثل ذلك التطور في تقلص دور أهل الحل والعقد المقيمين في المدينة بوفاة معظمهم أو بتفرقهم في الأمصار، وباكتساب تلك الأمصار مكانة ضخمة تفوق مكانة الحجاز مقر الخلافة نتيجة نمو دور القبائل العربية التي أسلمت متأخراً ولكنها حملت على أكتافها عبء الفتوحات الإسلامية الكبرى، التي أدت إلى إثراء المجتمع الإسلامي بصورة لم يعرفها من قبل، تغيرت معها بعض النفوس والأخلاق [3]، وبدأت تدريجياً تتغير بعض المفاهيم، كمفهوم أهل الحل والعقد، فلم يعودوا هم أهل بدر، أو جماعة السابقين إلى الإسلام في المدينة، التي تقلصت أعدادها بمضي الزمن، وبرز إلى ساحة التأثير والفاعلية زعماء الأمصار، وزعماء الشام من بينهم، فحين نحتكم إلى أحداث التاريخ نجدها تؤكد قدرة أهل الأمصار آنذاك على الحسم السياسي، وعجز أهل المدينة عن ذلك ثم تؤكد بعد ذلك تميز أهل الشام بقدر هائل من الطاعة والتوحد الإجتماعي والتعود على الخضوع لنظم الدولة،، وأساليب الإدارة وأنماط الحضارة، وقد مكنتها هذه المؤهلات من فرض اختيارها على العراق وسائر الأمصار الإسلامية حتى بايعت معاوية، ثم استطاعت الاحتفاظ بهذه القدرات أكثر من تسعين عاماً هي عمر الدولة الأموية .. مما يؤكد أن قادتها أصبحوا هم بحكم الواقع السياسي جل أهل الحل والعقد في المجتمع

[1] المصدر نفسه (4/ 275).
[2] المصدر نفسه (4/ 275).
[3] الدولة والمجتمع في العصر الأموي صـ 127.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست