responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 147
قلوبهم ميثة الملح في الماء [1] , وفي رواية فلم يلبث إلا ثلاثاً أو نحو ذلك, حتى قتل رحمه الله [2] , وقال الحسن ابن علي: قال لي علي رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنح لي الليلة في منامي, فقلت: يارسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد [3]؟ قال: ادع عليهم قلت: ,اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم , وأبدلهم بي من هو شر مني لهم. قال الحسن رضي الله عنه فخرج فضربه الرجل [4].
ولما جاء خبر قتل علي إلى معاوية رضي الله عنهما جعل يبكي, فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم [5] وكان معاوية يكتب فيما ينزل به يسأل له علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذلك, فلما بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب, فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام, فقال له: دعني عنك [6] , وقد طلب معاوية رضي الله عنه في خلافته من ضرار الصُّدائي أن يصف له علياً رضي الله عنه فقال: أعفني يا أمير المؤمنين قال: لتصفنَّه, قال: أما إذا لابد من وصفه فكان والله بعيد المدى, شديد القُوى, يقول فصلا [7] , ويحكم عدلا, يتفجر العلم من جوانبه, وتنطق الحكمة من نواحيه, ويستوحش من الدنيا وزهرتها, ويستأنس بالليل ووحشته وكان غزير العبرة, طويل الفكرة, يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن, وكان فينا كأحَدِنا, يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه, ونحن والله - مع تقريبه إيانا وقربه منا- لانكاد نكلمه هيبة له, يعظمِّ أهل الدين ويُقرِّب المساكين, لا يطمع القويُّ في باطله, ولا ييأس الضعيف من عدله وأشهد أنه لقد رأيته في بعض مواقفه - وقد أرخى الليل سُدولَه [8] , وغارت نجومه- قابضاً على لحيته, يتململ تململ السقيم, ويبكي بكاء الحزين, ويقول: يادنيا غُرِّي غيري إلي تعرضّت أم إليًّ تشوًّفتِ: هيهات هيهات, قد باينتك ثلاثاً لا رجعة فيها, فعمرك قصير, وخطرك كثير, آه من قلة الزاد, وبُعد السفر, ووحشة الطريق, فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن, كان والله كذلك, فكيف حزنك عليه ياضرار؟ قال حزن من ذبح ولدها وهو في حجرها [9] , وعن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأبو بكر وعمر
جالسان عنده فسلمت عليه وجلست فبينما أنا جالس إذ أتي بعلي ومعاوية فأدخلا بيتاً وأجيف [10] الباب وأنا أنظر, فما كان بأسرع من خرج علي وهو يقول: قضي لي ورب الكعبة, ثم ما كان بأسرع من أن خرج معاوية وهو يقول: غفر لي ورب الكعبة (11)

[1] سير أعلام النبلاء (3/ 144)
[2] المحن ص 99 لأبي العرب وخلافة علي لعبد الحميد ص432
[3] الأود: العوج, اللدد: الخصومة
[4] تاريخ الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين ص 649
[5] البداية والنهاية (8/ 133)
[6] الاستيعاب (3/ 1108)
[7] الاستيعاب (3/ 1107)
[8] سدوله: سدلته
[9] الاستيعاب (3/ 1108)
[10] أجيف الباب: رُدَّ وأغلق
(11) البداية والنهاية (8/ 133)
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست