اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 142
ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين [1] ففي هذا الحديث شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام الطائفتين أهل العراق وأهل الشام والحديث فيه رد واضح على الخوارج الذين كفروا علياً ومن معه ومعاوية ومن معه بما تضمنه الحديث من الشهادة للجميع بالإسلام ولذا كان يقول سفيان بن عيينة: قوله فئتين من المسلمين يعجبنا جداً. قال البيهقي: وإنما أعجبهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم جميعاً مسلمين وهذا خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من الحسن بن علي بعد وفاة علي في تسليمه الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان (2)
فهذه الأحاديث المتقدم ذكرها فيها الإشارة إلى أهل العراق الذين كانوا مع علي وإلى أهل الشام الذين كانوا مع معاوية بن أبي سفيان وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم من أمته [3]. كما وصفهم بأنهم جميعاً متعلقون بالحق لم يخرجوا عنه كما شهد لهم صلى الله عليه وسلم بأنهم مستمرون على الإيمان ولم يخرجوا عنه بسبب القتال الذي حصل بينهم وقد دخلوا تحت عموم قوله تعالى:" وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا " (الحجرات، آية:9). وقد قدمنا أن مدلول الآية ينتظمهم رضي الله عنهم أجمعين فلم يكفروا ولم يفسقوا بقتالهم بل هم مجتهدون متأولون وقد بين الحكم في قتالهم ذلك علي بن أبى طالب رضي الله عنه كما مر معنا. فالواجب على المسلم أن يسلك في اعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم مسلك الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة وهو الإمساك عما حصل بينهم رضي الله عنهم ولا يخوض فيه إلا بما هو لائق بمقامهم وكتب أهل السنة مملؤه ببيان عقيدتهم الصافية النقية في حق أولئك الصفوة المختارة وقد حددوا موقفهم من تلك الحرب التي وقعت بينهم في أقوالهم الحسنة التي منها (4)
1 - سئل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى عن القتال الذي حصل بين الصحابة فقال تلك دماء طهر الله يدي منها أفلا أطهر بها لساني مثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم مثل العيون, ودواء العيون ترك مسها [5]. قال البيهقي معلقاً على قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: هذا حسن جميل لأن سكوت الرجل عما لا يعنيه هو الصواب (6)
2 - سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا, وعلموا وجهلنا, واجتمعوا فاتبعنا, واختلفوا فوقفنا [7].ومعنى قول الحسن هذا: أن الصحابة كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا وما علينا إلا أن نتبعهم فيما [1] البخاري، ك الفتن رقم 7109.
(2) الاعتقاد للبيهقي صـ 198، فتح الباري (13/ 66). [3] في صحيح مسلم (2/ 746) تكون في أمتي فرقتان
(4) عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/ 732) [5] الإنصاف للباقلاني ص16 , الطبقات (5/ 394)
(6) مناقب الشافعي ص 136 [7] الجامع لأحكام القرآن (16/ 332)
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 142