responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 113
واستحث كتيبته الشهباء واستطاعوا قتل عبد الله بن بديل، فأخذ مكانه في قيادة الميمنة الأشتر وتماسك أهل الشام وبايع بعضهم على الموت، وكروا مرة أخرى بشدة وعزيمة وقتل عدد من أبرزهم ذو الكلاع، وحوشب وعبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وإنقلب الأمر لجيش الشام، وأظهر تقدماً، وبدأ جيش العراق في التراجع، واستحر القتل في أهل العراق، وكثرت الجراحات ولما رأى علي جيشه في تراجع، أخذ يناديهم ويحمسهم، وقاتل قتالاً شديداً واتجه إلى القلب حيث ربيعة، فثارت فيهم الحمية وبايعوا أميرهم خالد بن المعمر على الموت وكانوا أهل قتال [1].
وكان عمّار بن ياسر رضي عنه قد جاوز الرابعة والتسعين عاماً، وكان يحارب بحماس، يحرض الناس، ويستنهض الهمم ولكنه بعيد كل البعد عن الغلو، فقد سمع رجلاً بجواره يقول: كفر أهل الشام، فنهاه عمار عن ذلك وقال: إنما بغوا علينا، فنحن نقاتلهم لبغيهم، فإلهانا واحد ونبينا واحد وقبلتنا واحدة [2].
ولما رأى عمار رضي الله عنه تقهقر أصحابه، وتقدم خصومه، أخذ يستحثهم ويبين لهم أنهم على الحق ولا يغرنهم ضربات الشاميين الشديدة، فيقول رضي الله عنه: من سره أن تكتنفه الحور العين فليقدم بين الصفين محتسباً، فإني لأرى صفاً يضربكم ضرباً يرتاب منه المبطلون والذي نفسي بيده، لو ضربونا حتى يبغلوا منا سعفات هجر، لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل لعلمنا أن مصلحينا على الحق وأنهم على الباطل [3]، ثم أخذ في التقدم، وفي يده الحربة ترعد ـ لكبر سنه ـ ويشتد على حامل الراية هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ويستحثه في التقدم ويرغبه ويطمعه فيما عند الله من النعيم، ويطمع أصحابه أيضاً فيقول: أزفت الجنة وأزينت الحور العين، من سره أن تكتنفه الحور العين، فليتقدم بين الصفين محتسباً وكان منظر مؤثر فهو صحابي جليل مهاجري بدري جاوز الرابعة والتسعين يمتلك كل هذا الحماس وهذا العزم والروح المعنوية العالية واليقين الثابت، فكان عاملاً هاماً من عوامل حماس جيش العراق ورفع روحهم المعنوية مما زادهم عنفاً وضراوة وتضحية في القتال حتى استطاعوا أن يحولوا المعركة لصالحهم وتقدم هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وهو يرتجز بقوله:
أعور يبغي أهله مَحَلاَّ ... قد عالج الحياة حتى ملاَّ
لا بد أن يَفُلّ أو يُفَلاَّ (4)

[1] الإصابة (1/ 454)، أنساب الأشراف (2/ 56) بسند حسن إلى قتادة.
[2] مصنف ابن أبي شيبة (15/ 290) الإسناد حسن لغيره.
[3] مجمع الزوائد (7/ 243)، خلافة علي بن أبي طالب، عبد الحميد صـ 219 إسناده حسن.
(4) تاريخ الطبري (5/ 652).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست