responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 102
عليّ رضي الله عنه أراد عزله وتولية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فاعتذر ابن عمر، فأرسل عليّ سهل بن حنيف بدلاً منه، إلا أنه ما كان يصل مشارف الشام ـ وادي القرى ـ حتى عاد من حيث جاء، إذ لقيته خيل لمعاوية عليها حبيب بن مسلمة الفهري، فقالوا له: إن كان بعثك عثمان فحي هلا بك وإن كان بعثك غيره فارجع [1]، لقد امتنع معاوية وأهل الشام عن البيعة ورأوا أن يقتصّ علي رضي الله عنه من قتلة عثمان رضي الله عنه ثم يدخلون البيعة [2]، وقالوا لا نبايع من يأوي القتلة [3]. وتخوّفوا على أنفسهم من قتلة عثمان رضي الله عنه الذين كانوا في جيش علي، فرأوا أن البيعة لعلي لا تجب عليهم قبل القصاص، وأنهم إذا قوتلوا على ذلك كانوا مظلومين، قالوا: لأن عثمان قتل مظلوماً باتفاق المسلمين، وقتلته في عسكر علي، وهم غالبون لهم شوكة، فإذا بايعنا ظلمونا واعتدوا علينا وضاع دم عثمان، وكان معاوية رضي الله عنه يرى أن عليه مسئولية الانتصار لعثمان والقود من قاتليه، فهو ولي دمه والله يقول: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)) (الإسراء، الآية: 33).
لذلك جمع معاوية الناس، وخطبهم بشأن عثمان، وأنه قتل مظلوماً على يد سفهاء منافقين لم يقدروا الدم الحرام،، إذ سفكوه في الشهر الحرام في البلد الحرام، فثار الناس، واستنكروا وعلت الأصوات وكان منهم عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحدهم واسمه مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تكلمت: .. وذكر الفتن وقربها، فمر رجل متقنع في ثوب، فقال: هذا يومئذ على الهدى، فقمت إليه، فإذا هو عثمان بن عفان، فأقبلت عليه بوجهه فقلت: هذا؟ قال: نعم [4]. وهناك حديث آخر له تأثيره في طلب معاوية القود من قتلة عثمان، ومنشطاً ودافعاً قوياً للتصميم على تحقيق الهدف، وهو: عن النعمان بن بشير عن عائشة رضي الله عنهما قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه، فقال، يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني ثلاثاً، فقلت لها: يا أم المؤمنين فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله ما ذكرته، قال: فأخبرته معاوية بن أبي سفيان لم يرضى بالذي أخبرته، حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إلي به، فكتبت إليه كتاباً [5]. لقد كان الحرص الشديد في تنفيذ حكم الله في القتلة السبب الرئيسي في رفض أهل الشام بزعامة معاوية بن أبي سفيان بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ورأوا أن تقديم حكم القصاص مقدم على البيعة، وليست لأطماع معاوية في ولاية الشام فضلاً عن طلبه للخلافة، إذ كان يدرك إدراكاً تاماً أن هذا الأمر في بقية الستة من أهل الشورى، وأن علياً أفضل منه وأولى بالأمر منه ([6]
فعن أبي مسلم

[1] تاريخ الطبري (5/ 466).
[2] البداية والنهاية (7/ 129).
[3] العواصم من القواصم صـ 162.
[4] صحيح سنن ابن ماجة (1/ 240).
[5] مسند أحمد رقم 24045 حديث صحيح.
[6] خلافة علي بن أبي طالب، لعبد الحميد صـ 112 ..
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست