responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 505
والشعبية، والحكومية والعسكرية وكانت حركة الدولة والأمة تعبيراً صادقاً لمفهوم العبودية الشامل، أما في العصور المتأخرة للدولة العثمانية فقد انحصر مفهوم العبادة في صور الشعائر التعبدية التي أصبحت تؤدى كعادة موروثة ليس لها من أثر في حياة ممارسيها، اللهم إلا ماتستغرقه من زمن لأدائها. (وتم عزل العبادة عن بقية الإسلام حتى كأن الإسلام منحصر فيها دون بقية الأجزاء كالجهاد مثلاً، وأحكام المعاملات أو العلاقات المالية ومع أن أكثر الناس إن لم نقل كلهم يعلمون أن الإسلام ليس هو العبادات المفروضة فحسب، فإنهم أهملوا الجوانب الأخرى، وغضوا النظر عنها وأنزلوا مرتبتها. ودعا فريق من المرشدين إلى الإعراض عما سوى هذه العبادات، فالجهاد وإنكار المنكر ورد الطغيان والاستعمار ومقاومة الظلم والعمل في جميع ماينفع المسلمين من الأمور العامة، كل ذلك في نظر هذا الفريق من الناس وما أكثرهم في عصور الانحطاط - فضول يشغل عن الله وعبادته ... وبينما كانت مقاييس الصلاح والتقوى في الإسلام شاملة لجميع الواجبات التي أوجبها الإسلام من عبادات خاصة، وجهاد وعلم وعدل وعمل نافع للناس واستقامة في المعاملة وإحسان، كل ذلك مقروناً بتوحيد الله والإخلاص له أصبحت مقاييس التقوى محصورة في العبادات) [1].
وهكذا أعانت هذه الفكرة التي عزلت العبادة عن بقية أجزاء النظام الإسلامي الشامل على ضعف الوعي السياسي، والإجتماعي والأخلاقي.
ولقد تسبب هذا الانحصار في مفهوم العبادة في سلبيات من أهمها:
- صارت الشعائر التعبدية تؤدى بصورة تقليدية، عديمة الأثر والفائدة حين عزلت عن بقية أمور الإسلام فلا تؤدي هذه الشعائر دورها في حياة الإنسان وقد عزلت عن بقية جوانب العبادة الأخرى، فالصلاة التي يخبر الله عزوجل عنها بقوله: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} (سورة العنكبوت: 45). لم تعد ذات أثر واقعي في حياة مؤديها من الناس حيث لم تعد تنهاهم عن الفحشاء والمنكر، وما كان لها أن تحدث ذلك الأثر وقد حصرت العبادة في أداء الشعائر التعبدية فحسب.
- تهاون الناس في بقية جوانب العبادات الأخرى.
إذ هي عندهم ليست من العبادة في شيء. حين نرى من المسلمين من يصلي الفروض جماعة في المسجد، ثم يخرج ويحلف عن عتبة المسجد كاذباً، ويغش في بيعه وشرائه،

[1] انظر: الانحرافات العقدية والعلمية (1/ 100).
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 505
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست