اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 495
فإن أي أمة لاتعظم شرع الله أمراً ونهياً تسقط كما سقط بنو اسرائيل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كلا والله لتأمرنّ بالمعروف ولتَنهُونَّ عن المنكر ولتأخُذُنّ على يد الظالم ولتأطرُنّه على الحق أطراً، ولتقصُرُنهُ على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم بعضاً، ثم ليلعَنَّكم كما لعنهم) [1].
لقد تحققت في الدولة العثمانية سنة الله في تغيير النفوس من الطاعة والانقياد الى المخالفة والتمرد على أحكام الله. {ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} (سورة الأنفال: آية 53).
كما أن الشعوب التي ترضخ تحت الحكام الذين تباعدوا عن شرع الله تذل وتهان حتى تقوم أمام من خالف أمر الله وتطلب العون من اخوانهم في العقيدة.
إن انحراف سلاطين الدولة العثمانية المتأخرين عن شرع الله وتفريط الشعوب الاسلامية الخاضعة لهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أثر في تلك الشعوب، وكثرة الاعتداءات الداخلية بين الناس وتعرضت النفوس للهلاك، والأموال للنهب، والأعراض للاغتصاب بسبب تعطل أحكام الله فيما بينهم، ونشبت حروب وفتن، وبلايا تولدت على أثرها عداوة وبغضاء لم تزل عنهم حتى بعد زوالهم، وأصبحت شوكة الأعداء من الروس والانكليز والبلغار والصرب وغيرهم تقوى وتحصلوا على مكاسب كبيرة، وغاب نصر الله عن السلاطين والأمة العثمانية، وحرموا التمكين، وأصبحوا في خوف وفزع من أعدائهم، وتوالت المصائب، وضاعت الديار، وتسلط الكفار.
إن من سنن الله تعالى المستخرجة من حقائق الدين والتاريخ أنه إذا عُصي الله تعالى ممن يعرفونه سلط الله عليهم من لايعرفونه؛ ولذلك سلط الله النصارى على المسلمين في الدولة العثمانية.
إن الذنوب التي يهلك الله بها الدولة، ويعذب بها الأمم قسمان:
1 - معاندة الرسل والكفر بما جاؤوا به.
2 - كفر النعم بالبطر والأشر، وغمط الحق واحتقار الناس وظلم الضعفاء ومحباة الأقوياء والإسراف في الفسق والفجور، والغرور بالغني والثروة فهذا كله من الكفر بنعمة الله، واستعمالها في غير مايرضيه من نفع الناس والعدل العام، والنوع الثاني من الذنوب هو الذي [1] ابوداود، كتاب الملاحم، باب الأمر بالمعروف رقم الحديث 4670.
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 495