اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 384
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي قال في (أضواء البيان) عارضاً موقف المسلمين من الحضارة الغربية:
(الاستقراء التام القطعي دل على أن الحضارة الغربية تشتمل على نافع وضار، أما النافع فيها فهو من الناحية المادية، وتقدمها في جميع الميادين المادية أوضح من أن أبينه، وما تصمنته من المنافع للانسان أعظم مما يدخل تحت التصور، فقد خدمت الانسان خدمات هائلة من حيث إنه جسد حيواني، وأما الضار منها فهو الاهمال بالكلية الناحية التي هي رأس كل خير ولاخير البتة في الدنيا بدونها، وهي التربية الروحية للانسان وتهذيب أخلاقه) [1].
ثم قال بعد أن ذكر حكم الانتفاع من النافع منها:
(وقد انتفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدلالة "ابي الأريقط الدؤلي" له في سفر الهجرة على الطريق مع أنه كافر، فاتضح من هذا الدليل أن الموقف الطبيعي للاسلام والمسلمين من الحضارة الغربية هو أن يجتهدوا في تحصيل ماأنتجته من النواحي المادية ويحذروا مما جنته من التمرد على خالق الكون جلا وعلا، فتصلح لهم الدنيا والآخرة. والمؤسف أن أغلبهم يعكسون القضية فيأخذون منها الانحطاط الخلقي، والانسلاخ من الدين والتباعد من طاعة خالق الكون، ولا يحصلون على نتيجة مما فيها من النفع المادي، فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين) [2].
سيد قطب يقول: (ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتشدد مع أصحابه -رضوان الله عليهم- في أمر التلقي في شأن العقيدة والمنهج بقدر مايفسح لهم في الراي والتجربة في شؤون الحياة العلمية المتروكة للتجربة والمعرفة كشؤون الزرع وخطط القتال وأمثالها من المسائل العلمية البحتة التي لاعلاقة لها بالتصور الاعتقادي، ولا بالنظام الاجتماعي، ولا بالارتباطات الخاصة بتنظيم حياة الانسان وفرق بين هذا وذلك بيّن، فمنهج الحياة شيء، والعلوم البحتة والتجريبية والتطبيقية شيء آخر، والاسلام الذي جاء ليقود الحياة بمنهج الله، هو الاسلام الذي وجه العقل للمعرفة والانتفاع بكل إبداع مادي في نطاق منهجه للحياة .... ) [3]. [1] انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (4/ 412). [2] انظر: التقليد والتبعية، د. ناصر العقل، ص41. [3] انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب (4/ 20/21).
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 384