اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 340
خاصة من الدولة [1].
إلغاء الإنكشارية:
فسدت طبيعة الإنكشاريين وتغيرت أخلاقهم، وتبدلت مهمتهم وأصبحوا مصدراً للبلاء للدولة والشعوب التابعة لها، وصاروا يتدخلون في شؤون الدولة وتعلقت إفئدتهم بشهوة السلطة وانغمسوا في الملذات والمحرمات وشق عليهم أن ينفروا في برودة الشتاء وفرضوا العطايا السلطانية ومالوا الى النهب والسلب حين غزو البلاد وتركوا الغاية التي من أجلها وجدوا وغرقوا في شرب الخمور وأصبحت الهزائم تأتي من قبلهم بسبب تركهم للشريعة والعقيدة والمبادئ وبعدهم عن أسباب النصر الحقيقية، وقاموا بخلع وقتل السلاطين من أمثال عثمان الثاني، واستمر الإنكشاريون في عهد السلطان مراد الرابع سنوات عشر سائرين في طريق الظلال سادرين في غيهم وطغيانهم، فهم الذين نصَّبوه فأصبح الأمر والنهي لهم، وهم الذين قاموا بقتل السلطان ابراهيم الأول خنقاً حينما حاول التخلص منهم، وهم الذين أربكوا الدولة إذ وضعوها في حالة من الفوضى بقتلهم السلاطين وتولية أولادهم الصغار السن من بعدهم كالسلطان محمد الرابع، فقام الأفرنج بإحتلال أجزاء من البلاد، فاضطر الصدر الأعظم والعلماء الى عزله. ثم ثارت الانكشارية في عهد السلطان سليم الثاني ودخلت جيوش الاعداء بعضاً من اراضي الدولة واحتلتها. وخلع الانكشارية السلاطين مصطفى الثاني، أحمد الثالث، مصطفى الرابع، الى أن قيض الله للسلطان محمود الثاني عام 1241هـ للتخلص منهم [2].
فجمع السلطان مجموعة من أعيان الدولة وكبار ضباط الانكشارية في بيت المفتي، وقام الصدر الاعظم سليم أحمد باشا خطيباً فبين الحالة التي وصلت إليها الانكشارية من الضعف والانحطاط وبين ضرورة إدخال النظم العسكرية الحديثة، فأقتنع الحاضرون ثم أفتى المفتي بجواز العمل للقضاء على المتمردين. وقد أعلن الموافقة كل من حضر من ضباط الانكشارية من حيث الظاهر وأبطنوا خلاف ذلك ولما شعروا بقرب ضياع امتيازاتهم وبوضع حداً لتصرفاتهم أخذوا يستعدون للثورة واستجاب لهم بعض العوام. وفي 8 ذي القعدة عام 1241هـ بدأ بعض الانكشاريين بالتحرش بالجنود أثناء أدائهم تدريباتهم ثم بدأوا في [1] انظر: الدولة العثمانية، د. اسماعيل ياغي، ص128. [2] انظر: تاريخ الدولة العثمانية، د. علي حسون، ص107،108.
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 340