اسم الکتاب : الدولة الفاطمية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 129
المبحث الثاني
نور الدين محمود
تولى أمور الدولة الزنكية بعد وفاة عماد الدين زنكي ابنه نور الدين, الذي نشأ مع والده في العراق ثم الموصل وبلاد الشام. وبعد وفاة والده قام مقامه وأظهر السنة في حلب وغير البدعة وقمع الرافضة, وبنى المدارس وأوقف الأوقاف, وأظهر العدل, وكان كثير المطالعة للكتب الدينية متبعًا للآثار النبوية, مواظبًا على الصلوات في الجماعات, عاكفًا على تلاوة القرآن, عفيف البطن والفرج, مقتصدًا في الإنفاق, متحريًا في المطاعم والملابس, لم تسمع منه كلمة فحش [1] , قال عنه ابن الأثير: «طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وبعده إلى يومنا هذا فلم أر بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة منه» (2).
ومن زهده وتقواه أنه كان لا يأكل ولا يلبس إلا من ملك كان له اشتراه من سهمه من الغنيمة, ومن الأموال المرصدة لمصالح المسلمين, وقد شكت إليه زوجته الضائقة وزيادة النفقة فاحمر وجهه وقال: «من أين أعطيها ما يكفيها, والله لا أخوض نار جهنم في هواها, ثم قال: لي بمدينة حمص ثلاثة دكاكين ملكًا, قد وهبتها إياها فلتأخذها» [3].
وقال ابن الأثير: «وكان يصلي كثيرًا من الليل ويدعو ويستغفر ولا يزال كذلك إلى أن يركب».
جمع الشجاعة والخشوع لربه ... ما أحسن المحراب في المحراب (4)
وكان عارفًا بالفقه على مذهب أبي حنيفة, وليس عنده تعصب, بل الإنصاف سجيته في كل شيء, وعلى الحقيقة فهو الذي جدد للملوك اتباع سنة العدل [1] الروضتين في أخبار الدولتين (ج1/ 5).
(2)، () , (4) الكامل (ج7/ 242). [3] انظر: الروضتين (ج1/ 6).
(4)
اسم الکتاب : الدولة الفاطمية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 129