9 - التحالف بين حكام دمشق والصليبيين: وأمام استمرار الحصار، واشتداد الخطر الزنكي، رأى أن يستعين بالصليبيين، فأرسل أسامة بن منقذ إلى فولك أنجو، ملك بيت المقدس لإجراء مفاوضات معه تستهدف طلب المساعدة وأبدى استعداده، بأن:
أ - يدفع عشرين ألف دينار كل شهر، وهي نفقات القوات الصليبية التي ستأتي لمساعدته.
ب- يعيد له حصن بانياس بعد انتزاعه من حاكمه التابع لزنكي.
ج- يسلمه عدداً من كبار أمرائه ليكونوا رهائن ضماناً لحسن التنفيذ وأوضح له أنه إذا نجح عماد الدين زنكي في ضَّم دمشق فإن مقدرات بلاد الشام ستصبح بين يديه مما يشكل خطراً كبيراً على الصليبيين وفعلاً، أدرك الملك فولك ومجلسه الاستشاري أن عماد الدين زنكي الذي بات يمتلك الموصل وحلب وحماة وحمص وبعلبك، لا ينبغي، بأي حال، أن يمتلك دمشق، وإلا فإن تحقيق الوحدة الإسلامية في بلاد الشام وشمالي العراق ستصبح واقعاً، وهذا معناه طردهم من الشرق الإسلامي وأقنعتهم الظروف السياسية والعسكرية بضرورة التعاون المثمر مع أنر، وساد بينهم الشعور بأنه لابَّد من قبول عرضه، وبخاصة أنهم كانوا يتطلعون إلى استعادة حصن بانياس [2]، وسرعان ما أتجه الصليبيون شمالاً بقيادة فولك لنجدة حليفهم. أما عماد الدين زنكي، ظل يراقب الوضع عن كثب، وفك الحصار عن دمشق حتى لا يقع بين فكي الكماشة، وأسرع للتصدي للصليبيين منفردين قبل أن يقتربوا من دمشق وعسكر في إقليم حوران في شهر (رمضان/نيسان) بانتظار وصولهم ويبدو أن فولك، الذي كان يتقدم بحذر، فضَّل التوقف قرب بحيرة طبرية، مما دفع عماد الدين زنكي إلى معاودة حصار دمشق، بيد أن ما لبث أن فكَّ الحصار عندما سمع بتقدم الصليبيين لنجدة حلفائهم، وعاد إلى حمص وتمكنَّ الحليفان من الاستيلاء على بانياس في شهر (شوال/ آيار) وتسلمها فولك وفقاً للاتفاق المبُرم مع أنر. والواقع أن التحالف بين دمشق وبيت المقدس، أنقذ الأولى دون أن ينشب القتال، وتخلصَّ أنر من أخطر وآخر محاولة جدّيه من عماد الدين زنكي لضمَّها إلى أملاكه، الأمر الذي أعاق جهوده بتوحيد المسلمين في بلاد الشام، إلا أنه ظل على الرغم من ذلك يفكر طوال سنوات حكمه المتبقية بتحقيق هذا الهدف [3]. [1] تاريخ الزنكيين في الموصل ص 125 نقلاً عن الكامل في التاريخ. [2] المصدر نفسه ص 126. [3] المصدر نفسه ص 126.
اسم الکتاب : السلطان الشهيد عماد الدين زنكي شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 99