اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 64
بموت الملك، ثم أن يوضع في قارب حمله إلى قلعة الروضة، ريثما تنجلي المعركة، عن نصر قريب، ولم يفت شجرة الدرّ أن تعهد إلى الأمير فخر الدين بقيادة الجيش وأن تبعث فيه روح المثابرة والعزيمة والجهاد ومواصلة الحرب لاسترجاع دمياط من أيدي الصليبيين هذا من جهة، ومن جهة ثانية، راحت شجرة الدر، وبالاتفاق مع بعض الأعوان من الخدم والأطباء تعمل على إدخال كبار الموظفين والأطباء إلى قاعة الملك، بحجّة أن السلطان حي يرزق، بل راحت توقع الأوامر والمراسم بتوقيع السلطان وهي التي حذقت تقليد توقيعه، ومحاكاة خطه، وإن قال بعضهم إن الذي حذق تقليد الملك وتوقيعه، هو خادم لشجرة الدرّ اسمه سهيل، كتم الأمر وخضع له، خدمة لمولاته السلطانة [1] بهذا التدبير الحكيم، وذلك الآسلوب المميّز والحنكة الفريدة استطاعت شجرة الدر أن تحفظ للجيش وحدته وتماسكه، وأن تحول دون تصدّع صفوفه، وانفراط عقده، كما إستطاعت أن تبعث في الجنود روح مواصلة الجهاد، ومتابعة الكفاح، دونما ضعف أو خور أو ميل إلى الخضوع [2] والاستسلام، كان الرصيد الجهادي لشجرة الدر مؤهلاً لها للتربع على كرسي السلطة بعد مقتل تورنشاه، ويتبارى المؤرخون في سرد الأسباب والدوافع التي جعلت المماليك يرضون بها سلطانه عليهم، فهل يرجع ذلك إلى العلاقة التي تربطها بزوجها الراحل نجم الدين أيوب وابنها خليل؟ أم لزعامتها العسكرية والسياسية وقت الأزمات؟ أم لحاجة المماليك إلى وجود صلة بين الأيوبيين وبين وجودهم بصورة قانونية؟ لقد رفعوها لتتربع على عرش مصر وأطلقوا عليها لقب ((أم خليل)) [3]، وهكذا أصبحت هذه الجارية أمة السلطان صالح نجم الدين أيوب، والتي تزوجها بعدما أعتقها ملكة المسلمين في مصر وسلطانة المماليك البحرية، يخطب لها على المنابر، ويدعون لها عليها من بعد الدعاء لخليفة المسلمين العباسي [4].
3 ـ الدعاء لها: كان مما يدعى لشجرة الدرّ قول المصلين اللهم أحفظ الجهة الصالحة ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين أم خليل أمير المؤمنين، المستعصمة، صاحبة السلطان الملك الصالح، [5]، أو قول الخطباء الذين كانوا يخطبون بإسمها على منابر مصر وأعمالها، فيقولون من بعد الدعاء لأمير المؤمنين الخليفة العباسي: اللهم أحفظ الجهة الصلاحية، ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين ذات الحجاب الجليل، والستر الجميل، والدة المرحوم خليل، إذ أن خليلاً هذا هو ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب، كان توفي في حياة والده صغيراً ([6])، [1] موسوعة تاريخ مصر (2 ـ 671) لأحمد حسين .. [2] شجرة الدرّ، د. يحي الشامي صـ52. [3] شجرة الدرّ، نور الدين خليل صـ75. [4] شجرة الدر د. يحي شامي صـ54. [5] النجوم الزاهرة (6 ـ 374). [6] بدائع الزهور (1 ـ 286).
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 64