اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 56
5 ـ النزاع الداخلي في الأسرة الأيوبية: إن سنة الله تعالى ماضية في الشعوب والأمم لا تتبدل ولا تتغير ولا تجامل، وجعل الله سبحانه وتعالى من أسباب هلاك الأمم وزوال الدول الاختلاف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا، وفي رواية ((فأهلكوا))، وعند ابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه: فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف [1]، إن من الدروس المهمة في هذه الدراسة التاريخية أن نتوقى الهلاك بتوقي أسباب الاختلاف المذموم، لأن الاختلاف كان سبباً من الأسباب في ضياع الدولة الأيوبية وهلاكها وإندثارها، وكان لهذا الاختلاف الذي وقع في البيت الأيوبي أسبابه منها: ضعف الوازع الديني عند بعض الأمراء الأيوبيين الأنانية وحب الذات والتكالب على المصالح الدنيوية والتناحر من أجلها والحرص على السلطة والجاه والمنصب وتحكيم بعض الأمراء الأيوبيين أهواءهم في الأمور، فهذه الأسباب كانت وقوداً للمنازعات والخلافات التي وقعت بين أفراد البيت الأيوبي، فكانت من أكبر معاول الهدم وأسباب الضعف وتلاشي الدولة، وقد إستقرأ هذه الحقيقة ابن خلدون، حيث ذكر أن من آثار الهرم في الدولة إنقسامها، وأن التنازع بين القرابة يقلص نطاقها، كما يؤدي إلى قسمتها ثم إضمحلالها ([2])،
لقد بدأ الخلاف المؤثر في الأسرة الأيوبية بعد وفاة صلاح الدين وسرعان ما انغمس الأيوبيون في صراعاتهم الداخلية فلم يحترم الأخ أخيه والعم بني أخيه، واستغل الملك العادل الأيوبي الجهل والطيش الذي إتسم به أبناء صلاح الدين، إذ أنه إستخدم علاقاته القديمة ومكانته لتحقيق هزيمة سياسية وعسكرية لجيش الملك العزيز قبل أن يستل جندي واحد سيفه من غمده، إذ كانت المنافسة قائمة بين الأمراء الصلاحية ((أمراء صلاح الدين)) والأمراء الأسدية، أمراء أسد الدين شيركوه الذين ورثهم صلاح الدين في جيشه، ونجح العادل في الإيقاع بين الفريقين [3]، وقد وصف القاضي الفاضل الخلاف في البيت الأيوبي بقوله: أما هذا البيت فإن الآباء منه اتفقوا فملكوا وإن الأبناء منهم اختلفوا فهلكوا، وإذا غرب نجم فما الحيلة في تشريقه، وإذا بدأ تخريق في ثوب فما يليه إلا تمزيقه، وهيهات أن يسد على طريقه، وقد قدر طروقه، وإذا كان مع خصم على خصم فمن كان معه فمن [1] صحيح البخاري بشرح العسقلاني (9/ 101،102). [2] الضعف المعنوي وأثره في سقوط الأمم صـ118 .. [3] في تاريخ الأيوبيين والمماليك قاسم عبده صـ82 ـ 83.
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 56