responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 54
أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً مما أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيع وكانوا مجرمين" (هود، آية: 116)، قال تعالى: "واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه" أراد الذين ظلموا: تاركي النهي عن المنكرات أي لم يهتموا بما هو ركن عظيم من أركان الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنما إهتموا بالتنعم والترف والإنغماس في الشهوات والتطلع إلى الزعامة والحفاظ عليها والسعي لها وطلب أسباب العيش الهنئ [1]، وقد مضت سنة الله في المترفين الذين أبطرتهم النعمة وابتعدوا عن شرع الله بالهلاك والعذاب قال تعالى: "وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين* فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون" (الأنبياء، آيات: 11 ـ 13)، ومن سنة الله تعالى هلاك الأمة بفسق مترفيها قال تعالى: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" (الإسراء، آية: 16). وجاء في تفسيرها وإذا دنا وقت هلاكها أمرنا بالطاعة مترفيها: أي: متنعميها وجباريها وملوكها ففسقوا فيها، فحق عليها القول فأهلكناها، وإنما خص الله تعالى المترفين بالذكر مع توجه الأمر بالطاعة إلى الجميع، لأنهم أمة الفسق ورؤساء الضلال وما وقع من سوئهم، إنما وقع بإتباعهم وإغوائهم، فكان توجه الأمر إليهم آكد [2].
إن أمر بني أيوب مازال مستقيماً في عهد صلاح الدين حتى أفضي أمرهم إلى إبنائه، فوقع بعضهم في الترف وآثروا الشهوات، وأقبلوا على اللذات والدخول في المعاصي والتعرض لسخط الله، والشواهد عل ذلك كثيرة نذكر منها ما كان في عهد الملك الأفضل وفي عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب ما فعله أستاذ الدار وهو كبير أمناء الملك أو الرئيس والذي كان يجمع إلى منصبه إختصاصات الوزير وقاد الجيش في المعارك وفتح دمشق وكان متحللاً وعابثاً ومعتداً بقوته ومنصبه وتجرأ على منكر كبير، يخالف أحكام الدين ويسخر بالشرع ويسئ إلى مشاعر المسلمين، فبني فوق أحد مساجد القاهرة طبلخانة أي قاعدة لسماع الغناء والموسيقى، وقد تصدى لذلك سلطان العلماء العز بن عبد السلام كما بينا ذلك في الكتاب الذي قبل هذا، ومن صور الترف في عهد الدولة الأيوبية التوسع في

[1] السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد صـ 186.
[2] تفسير الألوسي (15/ 42).
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست