اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 158
وخلاصة القول أن سلاطين المماليك استفادوا من الجهود التراكمية التي سبقتهم وبنوا عليها وجددوا الدعوة للجهاد وتحرير أراضي المسلمين من المشاريع الغازية المغولية والصليبية.
10 ـ الاستعانة بالعلماء واستشارتهم: كانت من القيم الراسخة في دولة المماليك، قيمة العلوم الشرعية وعلماء الدين، فطول أيام الايوبيين في مصر، ومنذ أن رسخ صلاح الدين المذهب السني في مصر بعد قضائه على الدولة الفاطمية، وقيمة العلماء مرتفعة في أعين الناس والحكام على السواء، حتى أنه لما صعدت شجرة الدر إلى كرسي الحكم، وقام العلماء بإنكار ذلك وكتابة الرسائل المعادية للملكة وتحفيز الناس على رفض هذا الأمر، ما استطاعت شجرة الدر ولا أحد من أعوانها أن يوقفوا هذه الحركة الجريئة من العلماء [1]، وكان من طبيعة العلماء في ذلك العصر النزول في ساحات القتال وتحريض الناس على الجهاد كما حدث في الحملة الصليبية السابعة عام 648هـ، وكان من أشهر هؤلاء العلماء العز بن عبد السلام، وكان مقرباً ومحبباً لسيف الدين قطز، وأخذ بترشيده وقتاويه ونفذ ذلك وخصوصاً تلك الفتوى الشهيرة المتعلقة بوجود المال اللازم للإعداد ما يلزم الحرب، فعقد سيف الدين قطز مجلساً للمشورة في قلعة الجبل وحضر قاضي القضاة بدر الدين حسن السنجاري والشيخ عز الدين بن عبد السلام، وكان السؤال حول أموال العامة ونفقتها في العساكر، فقال ابن عبد السلام: إذا لم يبق في بيت المال شيء وأنفقتم الحوائص الذهبية ونحوها من الزينة وساويتم العامة في الملابس سوى آلات الحرب، ولم يبق للجندي إلا فرسه التي يركبها ساغ أخذ شيء من أموال الناس في دفع الأعداء، إلا أنه إذا دهم العدو وجب على الناس كافة دفعه بأموالهم وأنفسهم [2]، وانقضى الاجتماع ويفهم مما تقدم أن المسلمين لم يكونوا يوافقون على فعل شيء أو دفع ضريبة إلا إذا أقرها علماء الإسلام، وأصدروا الفتاوى بجوازها، وهذا يعني الخضوع للشريعة، ومن جهة أخرى فإن السلطان ملتزم بما صدر عن إفتاء العلماء، بل راح الأمراء ورجال الدولة يقدمون ما يملكون وأحضروا ما في بيوتهم من حلي نسائهم وأموالهم، وأقسموا لم يتركوا شيئاً، وذلك طواعية دون إرغام أو تهديد وإنما إستجابة لرأي الشريعة، ولما كانت هذه الأموال لا تقوم بالمطالب إستعان السلطان قطز بالرعية بعد أن تساووا جميعاً، وفرض إجراءات من أجل توفير المال اللازم للحرب، ومن ثم كانت الأموال التي أنفقها المسلمون في حرب التتار في موقعة عين جالوت أموالاً طيبة ساهمت في تحقيق الإنتصار [3]، وكان السلطان سيف الدين قطز يحترم ويقدر وينفذ فتاوى العلماء وكان يستعين [1] قصة التتار صـ360. [2] الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين والمغول د. فايد صـ120 .. [3] المصدر نفسه صـ121.
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 158