responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 113
جهازهم (أي فوق الزكاة)، بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء من السلاح والسروج والذهب والفضة والسيوف المحلاة بالذهب، وأن تبيعوا مالكم من ممتلكات والآلات (أي يبيع الحكام والأمراء والوزراء ما يمتلكون)، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه وتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات فلا [1]. فقد بين الشيخ العز بن عبد السلام، بأنه لا يجوز فرض ضرائب إلا بعد أن يتساوى الوزراء والأمراء مع العامة في الممتلكات، ويجهز الجيش بأموال الأمراء والوزراء، فإن لم تكف هذه الأموال جاز هنا فرض الضرائب على الشعب بالقدر الذي يكفي بتجهيز الجيش ليس أكثر من ذلك [2].
لقد قبل سيف الدين قطز فتوى العز بن عبد السلام ببساطة وبدأ بنفسه وباع كل ما يملك وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك، فانصاع الجميع وامتثلوا أمره، فقد أحضر الأمراء كافة ما يملكون من مال وحلي نسائهم وأقسم كل واحد منهم أنه لا يملك شيئاً في الباطن، ولما جمعت هذه الأموال وضربت سكاً ونقداً وأنفقت في تجهيز الجيش، ولم تكف هذه الأموال نفقة الجيش، فقرر قطز على كل رأس من أهل مصر والقاهرة من كبير وصغير ديناراً واحداً، وأخذ من أجرة الأملاك شهراً واحداً، وأخذ من أغنياء الناس والتجار زكاة أموالهم معجلاً، وأخذ من الترك الأهلية ثلث المال، وأخذ من الغيطان والسواقي أجرة شهر واحد، وبلغ جملة ما جمعه من الأموال أكثر من ستمائة ألف دينار [3]. فجمع بذلك الأسلوب الفريد للمال الحلال الذي لا ظلم ولا عدوان فيه [4]. وكان هذا العمل الجليل من اسباب النصر في عين جالوت قال تعالى"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" (محمد، آية: 7) ونصر الله لا يكون إلا بتطبيق شرعه، والجيش المسلم الذي يبتعد عن شرع الله يكون بعيداً عن نصر الله عز وجل، إن ما قام به سيف الدين قطز في الاستمتاع لرأي الشيخ العز بن عبد السلام ثم تنفيذه ترتب عليه شحنة معنوية قوية شحذت همم الناس للجهاد وبذل الغالي والنفيس في سبيل الله، إذ يمكن القول أن تلك الفتوى التي أصدرها العز بن عبد السلام، في ذلك الوقت الذي كان الشرق الإسلامي بلا خلافة شرعية، أدت الدور نفسه الذي كانت الخلافة ستؤديه فيما لو كانت قائمة، إذ كانت فتواه تلك بمثابة سلطة روحية ساعدت المظفر

[1] بداع الزهور (1 ـ 302)، جهاد المماليك صـ110.
[2] قصة التتار صـ283.
[3] بدائع الزهور (1 ـ 305)، جهاد المماليك صـ110.
[4] الأيوبيون بعد صلاح الدين صـ439 للصلابي.
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست