وقال العمال الأصفهاني في فتح منبج عام 563هـ قصيدة جاء فيها:
بشرى الممالكِ فتحُ قلعةِ منبج ... فليَْهنِ هذا النّصرُ كل متوَّج
أُعطيت هذا الفتحَ مفتاحاً به ... في الملك يفتح كلَّ باب مُرْتجِ
وافى يُبَشَّرُ بالفتوح وراءه ... فانهض إليها بالجيوش وعَرَّجِ
أبشر فبيتُ القدسِ يتلو منبجاً ... ولمنبجٌ لسواه كالأنموذَج
ما أعجزّتْكَ الشُّهبُ في أبراجها ... طلبا فكيف خوارجٌ في أبْرُجِ
ولقدرُ من يعصيك أحقر أن يَرى ... أثر العُبوسِ بوجهكَ المُتَبلَّجِ
لكن تهذَّبُ من عصَاكَ سياسة ... في ضمنها تقويمُ كلَّ مُعَوَّج
فانهد إلى البيت المقدس غازيا ... وعلى طرابُلُس ونابُلُس عُجِ
قد سِرتَ في الإسلام أحسنَ سيرة ... مأثورة وسلكت أوضح منهج
وجميع ما استقريت من سُننَ الهُدى ... جَدَّدْت منه كلَّ رسم منُهَجِ (2)
5 - فتح قلعة جعبر: وأما سياسة الدولة تجاه قلعة جعبر، فإنها لم تشأ أن تجعل من مناطق الحدود بين العراق والشام مراكز قوية قد تعاديه يوماً، فقد كانت قلعة جعبر تقع على نهر الفرات وامتازت بحصانتها المنيعة، وقد اهتم عماد الدين زنكي بفتحها وقد قتل وهو يحاصرها عام 541هـ/1146م وقد استخدم نور الدين محمود الطرق السلمية مع شهاب الدين العقيلي فبعد أن أسره على أيدى أعراب بني كلاب، عمل على إكرامه في أسره وملاينته لتسليم القلعة غير أنه رفض [3]، وعندما أدرك عدم جدوى الملاينة سعى إلى حصارها بيد أنه عجز عن ذلك، فعاد مرة أخرى لملاطفته وعوضه عنها بمناطق سروج وأعمالها ومنطقة الملاحة من أعمال حلب وباب بزاغة [4]، وهي مناطق ثرية بمواردها الزراعية، كذلك أسال لعابه عندما وهبه عشرين ألف دينار وهكذا تمكن من الاستيلاء عليها عام 564هـ/ 1168م [5].
ولكل ولاية نهاية، يؤتي الله الملك من يشاء وينزعه وكان آخر أمر بني مالك حكام قلعة جعبر وكان آخر أمراءهم شهاب الدين مالك بن علي بن مالك العُقيلي [1] فن الصراع الإسلامي الصليبي ص 121.
(2) كتاب الروضتين في أخبار الدولتين (2/ 33). [3] نهاية الأرب نقلاً عن فن الصراع ص 122. [4] البستان الجامع نقلاً عن فن الصراع ص 122. [5] كتاب الروضتين في أخبار الدولتين (2/ 42).
اسم الکتاب : القائد المجاهد نور الدين محمود زنكي شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 254