responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القائد المجاهد نور الدين محمود زنكي شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 244
فهذه الكلمات خرجت من قلب مكلوم، يرى الفرنج يتداعون على المسلمين كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وأولو الأمر يقفون مكتوفي الأيدي، فلا يذبون عن أمتهم، ولا يدافعون عن رعيتهم، بل ويصل الأمر إلى أنهم يبذلون أموال المسلمين لأعداء الإسلام، مع أنه لا يجوز إعطاء الكافرين أموال المسلمين وأرضهم، فكان لابد وأن يتحرك الأبرار الشرفاء.
إن نور الدين في هذه الرسالة غير حريص على قتال إخوانه في الإسلام، وأن الذي دفعه إلى الخروج، والنزول حول دمشق، هو إغاثة المكلومين الذين ابتلوا بالفرنج، ولا طاقة لهم في دفعهم، مع قعود مجير الدين صاحب دمشق عن نصرتهم ابتغاء مرضاة الله وقياماً بواجب عجز حكام دمشق عن القيام به، كما أنه لا يحل لمسلم أعطاه الله القدرة على نصرة المسلمين وجهاد أعدائهم، ولا ينصرهم وفي هذه الرسالة يرسي نور الدين معالم على طريق التحرير لعل حكام المسلمين يعون ما فيها، حينما يذكر أن التمكين في الأرض نعمة، وكثرة المال، وكثرة الرجال نعمة، تستحق الشكر لله عز وجل، وتوظيفها في طاعة الله عز وجل، أي لابد هنا من توظيفها في الجهاد في سبيل الله، ولا يحل لمسلم أعطاه هذه النعم أن يقعد عن نصرة إخوانه في الإسلام ومجاهدة الأعداء، لهذا قرر نور الدين محمود أن يهب لنجدة إخوانه سكان دمشق [1].

كان الجواب الذي تسلمه نور الدين من حاكم دمشق: ليس بيننا وبينك إلا السيف وسيوفنا من الفرنج ما يعيننا على دفعك إن قصدتنا ونزلت علينا [2]، قرر نور الدين التوجه إلى دمشق ومحاصرتها ولكن أمطاراً غزيرة جداً سقطت واستمرت أسبوعاً، فغير رأيه حقناً لدماء المسلمين، ولهج أهل دمشق وحوران بالدعاء له واعتبروا نزول المطر ببركته [3]، وقرّر نور الدين أن يستولى على المدينة بطريقة سلمية، وكان هذا القرار يتناسب مع عقيدة نور الدين محمود وطبيعته، فهو يكره سفك الدماء المسلمين ويبذل قصارى جهده ليتجنب قتال المسلمين وعُرف عنه قوله: إني أرفّه المسلمين ليكون بذل نفوسهم في مجاهدة أعدائهم، كانت خطة نور الدين محمود للاستيلاء على دمشق سلمياً تقتضي العمل على ثلاثة محاور:
المحور الأول: يتمثل العمل على توجيه حملة دعائية عامة إل أهالي دمشق يتم خلالها إبراز الأحوال السيئة والأوضاع المتردية التي تسود إمارتهم بسبب سوء إدارة حكامها وفسادهم وتعاملهم مع الأعداء وبالمقابل إبراز ما ينتظرهم نور الدين محمود، وكانت القواعد والأسس اللازمة لمثل هذه الحملة متوافرة وموجودة أصلاً من خلال الواقع الذي يعيشه أهالي مدينة حلب وغيرهم،

[1] الطريق إلى البيت المقدس د. جمال عبد الهادي ص 83.
[2] ذيل تاريخ دمشق ص 308، 309.
[3] عيون الروضتين نقلاً عن دور نور الدين ص 100.
اسم الکتاب : القائد المجاهد نور الدين محمود زنكي شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست