responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة المؤلف : ابن منده، أبو القاسم    الجزء : 0  صفحة : 32
وعَلَى الرَّغْمِ مِنْ تَدَنيِّ نُفُوذِهَا السِّيَاسِي إلى مُسْتَوى كَبِيرٍ -في بعض الأزمان- فَقَد حَافَظتْ عَلى دَوْرِها الرِّيَادِي، حَيْثُ ظَلَّتْ تجذِبُ طَلَبةَ الحَدِيثِ والفِقْه وبَقِيَّةِ العُلُومِ، ولمْ يَسْتَطِعْ أَيٌّ مِن المَرَاكِزِ الأُخْرَى في ذَلِك الوَقْت مِثْل مِصْرَ والشَّامِ والحِجَازِ، وبُلْدَانٍ أُخْرَى في خُرَاسَانَ وبِلَادِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ أنْ تَنَالَ مِنْ أَهَمِّيةِ بَغْدَادَ ودَوْرِهَا.
وقدْ عُرِفَ عَنْ أَهْلِ بَغْدَادَ أَنَّهُم أَرْغَبُ النَّاسِ في طَلَبِ الحَدِيثِ، وأَشَدُّهُم حِرْصا عَلَيْهِ وأَكْثَرهُم كَتْبًا له، قالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ -وَهُو مُعَاصِرٌ لأَبي القَاسِمِ ابنِ مَنْدَه-: (وأَهْلُ بَغْدَادَ مَوْصُوفُونَ بِحُسْنِ المَعْرِفةِ، والتَّثَبُّتِ في أَخْذِ الحَدِيثِ وآدَابهِ، وشِدَّةِ الوَرَعِ في رِوَايتِهِ، اشْتُهِرَ ذَلِكَ عَنْهُم وعُرِفُوا به، حَتَّى قالَ إسْمَاعِيلُ بنُ عُلَيَّةَ: (ما رأَيْتُ أَحْسَنَ رَغْبَةً في طَلَبِ الحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ)، وقالَ سفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ: (شُبَّانُ البَغْدَادِيينَ أَوْرَعُ أَو خَير مِنْ شُبَّانٍ مِنَ البَصْرَةِ والكُوْفَةِ)، وهذا قَالَهُ سُفْيَانُ مَعَ صحَّةِ رِوَايةِ البَصْرِيينَ الذينَ مَا زَالُوا بالتَّحَفُّظِ والوَرَعِ مَعْرُوفِينَ، وأَمَّا أَهْلُ الكُوْفَةِ، وأَهْلُ خُرَاسَانَ أَيْضًا فَلَهُم مِنَ الأَحَادِيثِ المَوْضُوعَةِ، والأَسَانِيدِ المَصْنُوعَةِ نُسُخٌ كَثِيرَةٌ، وقَلَّ مَا يُوجَدُ -بِحَمْدِ الله- في محُدِّثي البَغْدَادِيينَ مَا يُوجَدُ في غَيْرِهم مِنَ الاشْتِهَارِ بِوَضْعِ الحَدِيثِ والكَذِبِ في الرِّوَايةِ اخْتِصَاصًا لَهُم وتَوْفِيقًا مِنَ الله الكَرِيم، ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ والله ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ) [1].

[1] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 1/ 43 - 44 بتصرف.
اسم الکتاب : المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة المؤلف : ابن منده، أبو القاسم    الجزء : 0  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست