اسم الکتاب : النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية = سيرة صلاح الدين الأيوبي المؤلف : بهاء الدين بن شداد الجزء : 1 صفحة : 152
ذكر فتح صفد
ثم سار في أوائل رمضان من دمشق يريد صفد ولم يلتفت إلى مفارقة الأهل والأولاد والوطن في هذا الشهر الذي يسافر الإنسان أين كان فيجتمع فيه بأهله. اللهم إنه احتمل ذلك ابتغاء مرضاتك فآته أجراً عظيماً. فسار حتى أتى صفد وهي قلعة منيعة قد تقاطعت حولها أودية من سائر جوانبها فأحدق العسكر بها ونصب عليها المناجيق في أثناء شهر رمضان المبارك وكانت الأمطار شديدة والوحول عظيمة ولم يمنعه ذلك عن جده، ولقد كنت عنده في خدمته ليلة وقد عين مواضع خمس مناجيق فقال ما ننام حتى تنصب الخمسة وسلم كل منجنيق إلى قوم ورسله تتواتر إليهم يعرفونهم كيف يصنعون حتى أظله الصبح وقد فرغت المنجنيقات ولم يبق إلا تركيب خنازيرها فيها فرويت له الحديث المشهور في الصحاح وبشرته بمقتضاه وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: " عينان لا تمسهما النار، عين باتت تحرس في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله "، وفي أثناء شهر رمضان سلمت الكرك من جانب نواب صاحبها وخلصوه بها من الأسر وكان قد أسر في وقعة حطين المباركة ثم لم يزل القتال على صفد متواصلاً بالبون مع الصوم حتى سلمت بالأمان في رابع عشر شوال.
اسم الکتاب : النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية = سيرة صلاح الدين الأيوبي المؤلف : بهاء الدين بن شداد الجزء : 1 صفحة : 152