اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 43
وخلف يوسف ولده أبو عبد الله محمد، فسعى إلى مهادنة قشتالة. لكن سرعان ما نكث القشتاليون بالعهود وأغاروا على غرناطة، فصدهم المسلمون وأغار السلطان محمد على ولاية الغرب. ثم صارت الحرب بين القشتاليين والأندلسيين سجالاً إلى أن عقدت الهدنة في 6/ 10 / 1406 م لمدة عامين، فنكثت بعد شهور. ثم عقدت هدنة أخرى لمدة ثمانية أشهر سنة 811 هـ (1408 م)، توفي أثرها السلطان أبو عبد الله بعد عودته إلى غرناطة. وهكذا أصبحت الحرب بين غرناطة وقشتالة متواصلة بدون انقطاع، ودون مساندة من المغرب، وغرناطة تحاول الحفاظ على توازنها بالتعاهد مع أراغون، الدولة النصرانية في الجزيرة الإيبرية المنافسة لقشتالة. فعقد السلطان محمد معها معاهدة صداقة وتحالف لمدة خمس سنوات سنة 808 هـ (1405 م).
وخلف السلطان محمد بعد وفاته أخوه السلطان يوسف، فسعى إلى تجديد الهدنة مع قشتالة لمدة سنتين. لكن بعد انتهاء الهدنة ابتدأ القشتاليون الحرب بالهجوم على أنتقيرة فاحتلوها سنة 1412 م بعد حصار طويل، وعاث النصارى في أراضي المسلمين فسادًا. فسعى السلطان يوسف إلى الهدنة مرة أخرى مع قشتالة دون أن يسترجع أنتقيرة، فساد الوئام لمدة وجيزة بين قشتالة ومملكة غرناطة. وتوفي السلطان يوسف سنة 820 هـ (1417 م)، وكان سلطانًا عاقلاً فارسًا، سياسيًّا ماهرًا مخلصًا لأمته.
وخلف السلطان يوسف ابنه أبو عبد الله محمد الملقب بالأيسر، وكان سيىء الأخلاق متباعدًا عن شعبه يحكم عن طريق وزيره يوسف بن سراج. فساءت أحوال غرناطة واشتد سخط الشعب، وتكاثرت الثورات بتشجيع من قشتالة مما أدى إلى إضعاف الدولة الإسلامية والتعجيل بفنائها. وعندما زحف النصارى على وادي آش سنة 831 هـ (1428 م) وعاثوا فيها دون أن يردهم السلطان الأيسر ثار عليه الأهالي وخلعوه ونصبوا ابنه أبا عبد الله محمدًا الزغير، بينما فر الأيسر إلى تونس في أهله. ورغم خصائله لم يفلح الزغير في إخماد الدسائس المستمرة. فتحالف ضده يوسف ابن سراج وعمل، بالاتفاق مع طاغية قشتالة، على إرجاع السلطان الأيسر سنة 833 هـ (1430 م). فأعاد السلطان الأيسر بني سراج وحاول أن يهادن قشتالة، فشرطت شروطا مؤداها ضياع استقلال الأندلس، وعند رفضه أغارت قشتالة على غرناطة سنة 1431 م وعاثت فيها فسادًا. فزاد ذلك في الفتن الداخلية.
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 43