اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 260
قضت عليها الحكومة بمذبحة بين المتظاهرين وإعدام فرير، أحد زعماء قطلونية، لأفكاره القومية. فأدت تلك الأحداث إلى عزل الوزير ماورا وتنصيب التقدمي كناليخاس (1910 - 1912 م) محله، فحاول حل المشكلة المغربية، والحد من سلطة الكنيسة، وإعطاء القطلانيين بعض الحريات، لكن اغتاله أحد الأناركيين قبل إتمام برنامجه. فتسلسل الوزراء على الحكم إلى أن اندلعت الحرب العالمية الأولى. فتجزأ الإسبان بين مساندين لألمانيا ومساندين للحلفاء، إلا أن الحكومة استطاعت الحفاظ على حيادها إبان الحرب. وفي سنة 1917 م، أدى غلاء المعيشة إلى اضطرابات وحوادث غيرت أوضاع إسبانيا نهائيًّا.
كان القرن التاسع عشر في إسبانيا قرن اضطراب وانكماش، لم يلعب ملوكها فيه
الدور الرائد الذي توقعه منهم الإسبان، بينما انقسمت الطبقة الرائدة بين ملكيين يمينيين متطرفين (الكارلي) ومعتدلين من جهة، وبين تقدميين معادين للكنيسة من جهة أخرى، دون أن تجد الديموقراطية موطنًا لها. فلم يطبق دستور قادس إلا لفترة قصيرة، وكذلك دستور سنة 1869 م. وطبقت دساتير سنة 1834 م و 1837 م و 1845 م و 1856 م بالإكراه دون إرادة شعبية. ودام دستور سنة 1876 م إلى سنة 1923 م، وقد قبل فيه مبدأ الانتخابات العامة في سنة 1890 م.
وكان يتحكم الضباط في الجيش الإسباني الذي لم تكن له قاعدة شعبية. واختلف الضباط في الرأي، وانتمى كثير منهم إلى الخلايا الماسونية، فكثرت الانقلابات العسكرية بالعشرات، نجح منها 12 انقلابًا، دون أن تكون لها علاقة بالثورات الشعبية.
وكثرت في القرن التاسع عشر الثورات الشعبية في إسبانيا، منها، في أقصى اليمين، ما سببته التعاليم الكاثوليكية المتطرفة كالحركة الكارلية التي انتشرت في المناطق الكاثوليكية كبلاد الباسك، ونبارة، وقطلونية، ومنها ثورات الأندلسيين الذين لم يرضخوا قط للدولة، منذ ضياع استقلالهم، والقضاء على دينهم الإسلامي، ومسخ هويتهم القومية، وإفقار أراضيهم، ونهب خيراتهم. وكانت حركتهم دائمًا ضد الدولة والكنيسة في آن واحد، ومن أجل تحقيق حكم ذاتي للأندلس. ومنها اضطرابات المدن المختلفة التي تنتج عن أسباب متعددة، أهمها الثورة ضد الفقر والفساد، وهي كذلك توجه غضبها على الكنيسة، فيحرق الثوار الأديرة ويلاحقون الرهبان.
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 260