اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 113
الله وبركاته. حرر يوم الثلاثاء في الحادي عشر من شهر شعبان 977 هـ. مولاي عبد الله محمد بن عبو".
وخذل العالم الإسلامي مرة أخرى الأمة الأندلسية. ففي هذه الثورة الأخيرة التي ضحى فيها الأندلسيون تضحية لم يضحها شعب في التاريخ قبلهم، للحفاظ على دينهم الإسلام ولغتهم العربية وحضارتهم، لم تبعث الدولتان الإسلاميتان في البحر الأبيض المتوسط حينذاك، العثمانية والسعدية، إلا بمساعدات ضئيلة ومتأخرة.
ومعظم من انضم إلى المجاهدين الأندلسيين من أتراك وجزائريين ومغاربة إنما تطوعوا للجهاد في سبيل الله وطلب الاستشهاد وقد استبسلوا في القتال واستشهدوا بالآلاف.
كانت الدولة العثمانية أكثر قوة من الدولة السعدية ومقدرة على مناصرة الأندلسيين. فلماذا لم تفعل؟ يظهر أن أمير أمراء الجزائر اهتم أكثر باستعمال ثورة الأندلسيين لتحرير تونس والشواطىء الجزائرية والتونسية من الإسبان من أن يساعد الأندلسيين على النصر. فهل نوى العثمانيون فعلاً مساعدة الأندلسيين على تحرير أرضهم، أم أنهم أرادوا فقط الضغط على إسبانيا لتحسن وضعهم، أو استعمالهم لكسب مكاسب ضد إسبانيا خارج الأندلس؟
كانت الحكومة العثمانية عارفة بأوضاع الثورة الأندلسية معرفة جيدة، وعلى صلة وثيقة ومتواصلة مع زعمائها. لكنها كانت مجزأة بين فكرتين: مساعدة الثورة الأندلسية حتى تنتصر، أم فتح قاعدة البندقيين، جزيرة قبرص، التي كانت تسبب متاعب جمة للدولة. كان الصدر الأعظم، محمد الصقلي، من أنصار الهجوم على إسبانيا وتحرير الأندلس، واقترح على السلطان سليم الثاني تأجيل فتح قبرص. بينما كانت بطانة السلطان تؤيد استخلاص قبرص أولاً من البندقية، إذ بدا لها فتح قبرص أسهل من تحرير الأندلس. وكان سليم الثاني يأمل في التحالف ضد الإسبان مع ملك فرنسا، شارل التاسع. وحيث ظهر تردد ملك فرنسا في قبول هذا التحالف تحت ضغط
الكنيسة، فقد رجح السلطان رأي الذين فضلوا البداية بفتح قبرص. وفعلاً فتحت الدولة العثمانية قبرص في غشت عام 1571 م بعد أن انهزمت الثورة الأندلسية وانقضى أمرها.
كان سلطان المغرب أبو محمد عبد الله الغالب السعدي متهمًا من طرف الأندلسيين بالتواطؤ مع الإسبان مخافة توسع الدولة العثمانية. فربما لم يكن يرى
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 113