أشار عليه بذلك ليجتذب به الجماعة إلى رأيه طوعا وكرها، فامتعض سائر المشارقة وكثير من المغاربة من هذا (ومن شناعته وما يراد منهم) ([1])،
[مقتل الدرزي على يد غلام تركيّ]
وعمل بعض غلمان الأتراك على قتل الدّرزيّ، فوثب إليه وهو في موكب [2] الحاكم وقتله، ونهبت داره. وافتتنت القاهرة وأغلقت أبوابها، ولبثت الفتنة ثلاثة أيام، وقتل فيها جماعة من الدّرزيّة [3]. وقبض بعد ذلك على التركيّ قاتل الدّرزيّ وقتل (على ذنب خلق له) [4]. [1] ما بين القوسين ليس في البريطانية. [2] في الأصل وطبعة المشرق 223 «مواكب»، والتصويب من بترو والبريطانية. [3] في نسختي بترو والبريطانية «الدولة». [4] ما بين القوسين ليس في البريطانية. والخبر في (اتعاظ الحنفا 2/ 113 حوادث سنة 408 هـ): «قدم مصر داع عجميّ اسمه محمد بن إسماعيل الدرزيّ واتّصل بالحاكم فأنعم عليه، ودعا الناس إلى القول بإلهيّة الحاكم، فأنكر الناس عليه ذلك، ووثب به أحد الأتراك ومحمد في موكب الحاكم فقتله، وثارت الفتنة، فنهبت داره وغلّقت أبواب القاهرة. واستمرّت الفتنة ثلاثة أيام قتل فيها جماعة من الدرزيّة، وقبض على التركي قاتل الدرزي وحبس ثم قتل». وقال سبط ابن الجوزي في (مرآة الزمان): «رأيت في بعض التواريخ بمصر أن رجلا يعرف بالدّرزيّ قدم مصر، وكان من الباطنيّة القائلين بالتناسخ، فاجتمع بالحاكم وساعده على ادّعاء الربوبية، وصنّف له كتابا ذكر فيه أن روح آدم عليه السلام انتقلت إلى علي بن أبي طالب، وأن روح عليّ انتقلت إلى أبي الحاكم، ثم انتقلت إلى الحاكم. فنفق على الحاكم وقرّبه وفوّض الأمور إليه، وبلغ فيه أعلى المراتب، بحيث إن الوزراء والقوّاد والعلماء كانوا يقفون على بابه، ولا ينقضي لم شغل إلاّ على يده. وكان قصد الحاكم الانقياد إلى الدرزيّ، فثار الناس عليه وقصدوا قتله، فهرب منهم وأنكر الحاكم أمره خوفا من الرعيّة، وبعث إليه في السرّ مالا، وقال: اخرج إلى الشام وانشر الدعوة في الجبال، فإنّ أهلها سريعو الانقياد. فخرج إلى الشام، ونزل بوادي تيم الله بن ثعلبة، غربيّ دمشق من أعمال بانياس، فقرأ الكتاب على أهله واستمالهم إلى الحاكم وأعطاهم المال. وقرّر في نفوسهم الدرزيّ التناسخ، وأباح لهم شرب الخمر والزنا وأخذ مال من خالفهم في عقائدهم وإباحة دمه، وأقام عندهم يبيح لهم المحظورات إلى أن انتهى». (النجوم الزاهرة-ج 4/ 184). وقال ابن أيبك الدواداري: «وكان الحاكم يركب حماره ويقف عند رجل مراوحيّ بزقاق القناديل، فيتحادثان طويلا، ولا يعلم أحد ما بينهما إلاّ الله تعالى، ثم يدعه ويتوجّه إلى الجبل المقطّم فيغيب اليوم واليومين والجمعة ولا يعلم أين يكون ثم يعود». (الدرّة المضيّة 294 حوادث 408 هـ). -