وأحرق وغنم، وغار على عسكره جماعة من العرب طمعا في أنّ خيول الروم لا تلحقهم، وكمن لهم فأسر البلغر منهم أربعين رجلا، فأمر الملك بقطع يديهم [1] وتخلية سبيلهم، فهابته البادية، ولم يعد يلمّ بعسكره أحد منهم.
[منازلة باسيل لطرابلس]
ونزل على طرابلس وحاصرها، وخرج إليه المظهر [2] بن نزّال وجماعة من وجوه أهلها، وطرحوا أنفسهم بين يديه، وأعلموه أنّهم في طاعته، فخلع عليهم وأحسن إليهم، وعادوا إلى البلد على أن يسلّموه إليه.
[أهل طرابلس يطردون واليهم ابن نزال]
وكان في البلد قاض يعرف بعليّ بن عبد الواحد بن حيدرة [3]، من أهله، فأغلق هو والرعيّة الباب في وجوههم، وأخرج عيال المظهر بن نزّال من البلد، فأخذهم وسار [1] كذا، والصحيح «أيديهم». [2] في البريطانية و (س): «المظفّر»، وقيل «المطهر». أنظر: أمراء دمشق للصفدي وهو «محمد بن نزال» (تاريخ دمشق-مخطوط دار الكتب المصرية-ج 42/ 95، مرآة الزمان-لسبط ابن الجوزي ج 11 ق 2/ 31) وقد ولي إمرة دمشق أيام الحاكم بأمر الله بعد حامد بن ملهم وعلي بن جعفر بن فلاح، ثم عزل بغلام القائد منير. فوليها هذا مدّة يسيرة ثم عزل بالمظهر، فكانت ولايته يوم الجمعة 16 من شهر رمضان 399 هـ، وعزل عنها يوم الأحد. (أمراء دمشق 83). [3] هو أبو الحسين علي بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن الحرّ (حيدرة) بن سليمان بن هزّان بن سليمان بن حيّان بن وبرة، أبو الفضل المرّي الأطرابلسي الكتاميّ. له كتاب روى فيه عن أبيه عبد الواحد. وأسرة حيدرة من الأسر المشهورة في طرابلس في ذلك العصر، ومنها أبناء حيدرة الذين كانوا يغرون ابن كيغلغ في الشاعر المتنبي. والذي ذكره المؤلّف هنا كان محدّثا أخذ عن محدّث طرابلس الكبير خيثمة بن سليمان الأطرابلسي. (أنظر في ذلك: تاريخ دمشق 25/ 113، وزبدة الحلب 1/ 200، ومعجم البلدان 2/ 95، والأعلاق الخطيرة 107، والعبر للذهبي 3/ 75، وتاريخ ابن الفرات 8/ 77، وتاريخ الإسلام (مخطوط) 21/ 10) وقد مدحه الشاعر أبو الحسن علي بن محمد التهامي (ت 416 هـ) - أنظر ديوانه 125، والشاعر عبد المحسن الصوري في ديوانه 1/ 112 - 114 و 253 و 258 و 351، وقد ترجمت له في كتابي: الحياة الثقافية في طرابلس الشام 284 و 285، وكتابي: من حديث خيثمة بن سليمان الأطرابلسي-ص 42 رقم 58، وديوان الصوري، دراسة لي في مجلّة مجمع اللغة العربية الأردني-العدد المزدوج 23 - 24 (كانون الثاني-حزيران 1984) -ص 176 - 177 و 190، وكتابي: تاريخ طرابلس السياسي والحضاري-طبعة ثانية-286 (بالحاشية) و 292 - 305.